سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الخمر والخنزير وعن الميتة وبعض فتاويه وأحكامه

روى ابن أبي شيبة عن جابر - رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح يقول : «إن الله تعالى حرم بيع الخمر والخنازير والميتة والأصنام” فقال رجل : يا رسول الله!! ما ترى في شحوم الميتة فإنه يدهن بها السفن والجلود ، ويستصبح بها ؟ قال : «قاتل الله اليهود ، إن الله لما حرم عليهم شحومهما أخذوها فجمدوها ثم باعوها وأكلوا ثمنها” .

وروى ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن الأزهر - رضي الله عنه - قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح - وأنا غلام شاب - ينزل عند منزل خالد بن الوليد ، وأتي بشارب فأمرهم فضربوه بما في أيديهم ، فمنهم من ضرب بالسوط ، وبالنعل ، وبالعصا وحثا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التراب .

وروى الشيخان عن عائشة أن هندا بنت عتبة سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح قالت : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل مسيك ، فهل من حرج أن أطعم من الذي له عيالنا ؟ فقال لها : «لا عليك أن تطعميهم بالمعروف” .

وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد أن يقبض عبد الرحمن بن وليدة زمعة ، وقال عتبة : إنه ابني ، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة في الفتح رأى سعد الغلام فعرفه بالشبه فاحتضنه إليه وقال : ابن أخي ورب الكعبة ، فأقبل به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقبل معه عبد بن زمعة ، فقال سعد بن أبي وقاص : هذا ابن أخي عهد إلي [ ص: 259 ] أنه ابنه ، فقال عبد بن زمعة : يا رسول الله ، هذا أخي ، هذا ابن زمعة ولد على فراشه ، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ابن وليدة زمعة فإذا هو أشبه الناس بعتبة بن أبي وقاص فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «هو” - أي الولد «لك هو أخوك يا عبد بن زمعة ، من أجل أنه ولد على فراشه ، الولد للفراش ، وللعاهر الحجر ، واحتجبي منه يا سودة ، لما رأى من شبه عتبة بن أبي وقاص بالولد .

رواه البخاري .

وعن عروة بن الزبير عن عائشة - رضي الله عنها - : أن امرأة سرقت في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة الفتح ، فقالوا : من يكلم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقيل : ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ ففزع قومها إلى أسامة بن زيد يستشفعون به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما كلمه أسامة فيها تلون وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : «أتكلمني” وفي لفظ «أتشفع في حد من حدود الله ؟ !” قال أسامة : يا رسول الله استغفر لي فلما كان العشي قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطيبا فأثنى على الله - تعالى - بما هو أهله ، ثم قال : «أما بعد فإنما أهلك الناس” وفي لفظ «هلك بنو إسرائيل” وفي لفظ «الذين من قبلكم” أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف وفي لفظ الوضيع قطعوه” وفي لفظ : أقاموا عليه الحد ، والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها” ثم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتلك المرأة وفي رواية النسائي «قم يا بلال ، فخذ بيدها فاقطعها” فحسنت توبتها بعد ذلك ، وتزوجت رجلا من بني سليم ، قالت عائشة : فكانت تأتيني بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رواه الإمام أحمد والشيخان والنسائي والبيهقي



التالي السابق


الخدمات العلمية