سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر إرادة شيبة بن عثمان - قبل أن يسلم - الفتك برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رآه في نفر قليل ، وما وقع في ذلك من الآيات

روى ابن سعد وابن عساكر عن عبد الملك بن عبيد ، وأبو القاسم البغوي ، والطبراني ، والبيهقي ، وأبو نعيم ، وابن عساكر عن عكرمة - رحمهم الله تعالى - قالا : قال شيبة : لما كان عام الفتح دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة عنوة ، وغزا حنينا ، قلت أسير مع قريش إلى هوازن ، فعسى إن اختلطوا أن أصيب من محمد غرة ، وتذكرت أبي وقتله حمزة ، وعمي وقتله علي بن أبي طالب ، فقلت : اليوم أدرك ثأري من محمد ، وأكون أنا الذي قمت بثأر قريش كلها ، وأقول :

لو لم يبق من العرب والعجم أحد إلا اتبع محمدا ما تبعته أبدا ، فكنت مرصدا لما خرجت له ، لا [ ص: 321 ] يزداد الأمر في نفسي إلا قوة ، فلما اختلط الناس ، اقتحم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بغلته ، وأصلت السيف ، ودنوت منه ، أريد ما أريد - وفي رواية فلما انهزم أصحابه جئته من عن يمينه فإذا العباس قائم عليه درع بيضاء ، فقلت : عمه لن يخذله ، فجئته من عن يساره ، فإذا بأبي سفيان بن الحارث فقلت : ابن عمه لن يخذله ، فجئته من خلفه ، فلم يبق إلا أن أسوره سورة بالسيف إذ رفع إلي فيما بيني وبينه شواظ من نار كأنه برق . فخفت أن يتمحشني فوضعت يدي على بصري ، خوفا عليه” ، ومشيت القهقرى ، وعلمت أنه ممنوع . فالتفت إلي وقال : «يا شيب ادن مني” فدنوت منه ، فوضع يده على صدري وقال : «اللهم أذهب عنه الشيطان” . فرفعت إليه رأسي وهو أحب إلي من سمعي وبصري وقلبي ، ثم قال : «يا شيبة قاتل الكفار” قال : فتقدمت بين يديه أحب - والله - أن أقيه بنفسي كل شيء ، فلما انهزمت هوازن رجع إلى منزله ودخلت عليه فقال : «الحمد لله الذي أراد بك خيرا مما أردت” ثم حدثني بما هممت به - صلى الله عليه وسلم .


التالي السابق


الخدمات العلمية