سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر قتل دريد بن الصمة

قال ابن إسحاق ، ومحمد بن عمر ، وغيرهما : لما هزم الله - تعالى - هوازن أتوا للطائف ومعهم مالك بن عوف ، وعسكر بعضهم بأوطاس ، وتوجه بعضهم نحو نخلة بني عيرة من ثقيف ، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيلا تتبع من سلك نخلة ولم تتبع من سلك الثنايا ، وأدرك ربيعة بن رفيع بن أهبان بن ثعلبة من بني سليم دريد بن الصمة ، فأخذ بخطام جمله ، وهو يظن [ ص: 334 ] أنه امرأة ، وذلك أنه في شجار له ، فإذا هو رجل ، فأناخ به وهو شيخ كبير ، ابن ستين ومائة سنة ، فإذا هو دريد ولا يعرفه الغلام ، فقال له دريد : ما تريد ؟ قال : أقتلك . قال : وما تريد إلى المرتعش الكبير الفاني ؟ قال الفتى : ما أريد إلا ذاك ، قال له دريد : من أنت ؟ قال : أنا ربيعة بن رفيع السلمي ، قال : فضربه فلم يغن شيئا ، فقال دريد : بئس ما سلحتك أمك ، خذ سيفي من وراء الرحل في الشجار ، فاضرب به وارفع عن العظم واخفض عن الدماغ ، فإني كذلك كنت أقتل الرجال ، ثم إذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دريد بن الصمة ، فرب يوم قد منعت فيه نساءك .

فزعمت بنو سليم أن ربيعة لما ضربه فوقع تكشف للموت فإذا عجانه وبطون فخذيه مثل القرطاس من ركوب الخيل ، فلما رجع ربيعة إلى أمه أخبرها بقتله إياه ، قالت : والله لقد أعتق أمهات لك ثلاثا في غداة واحدة ، وجز ناصية أبيك ، فقال الفتى : لم أشعر .

ووقف مالك بن عوف على ثنية من الثنايا ، وشبان أصحابه ، فقال : قفوا حتى يمضي ضعفاؤكم وتلتئم إخوانكم . فبصر بهم الزبير بن العوام - رضي الله عنه - فحمل عليهم حتى أهبطهم من الثنية ، وهرب مالك بن عوف ، فتحصن في قصر بلية ، ويقال دخل حصن ثقيف .

التالي السابق


الخدمات العلمية