سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر جمع غنائم حنين

لما انهزم القوم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم بالغنائم أن تجمع ، ونادى مناديه : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يغل ، وجعل الناس غنائمهم في موضع حيث استعمل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

وروى الحاكم بسند صحيح عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال : أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين وبرة من بعير ، ثم قال : «يا أيها الناس ، إنه لا يحل لي مما أفاء الله - تعالى - عليكم قدر هذه إلا الخمس ، والخمس مردود عليكم ، فأدوا الخيط والمخيط ، وإياكم والغلول فإنه عار على أهله يوم القيامة”

وذكر الحديث .

وكان عقيل بن أبي طالب دخل على زوجته وسيفه ملطخ بدم ، فقالت : إني علمت أنك قاتلت اليوم المشركين ، فماذا أصبت من غنائمهم ؟ فقال : هذه الإبرة ، تخيطين بها ثيابك ، فدفعها إليها ، ثم خرج فسمع منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : من أصاب شيئا من المغنم فليرده ، فرجع عقيل إلى امرأته وقال : والله ما أرى إبرتك إلا قد ذهبت منك ، فأخذها فألقاها في المغانم .

وجاء رجل بكبة من شعر فقال : يا رسول الله أضرب بهذه برذعة لي : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لك”
.

وأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس يوم حنين في قبائلهم يدعوهم وأنه ترك قبيلة من القبائل وجدوا في برذعة رجل منهم عقدا من جزع غلولا ، فأتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكبر عليهم ، كما يكبر على الميت .

وأصاب المسلمون يومئذ السبايا ، فكانوا يكرهون أن يقعوا عليهن ولهن أزواج فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ، فأنزل الله تعالى والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم [النساء 24] وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ : «لا توطأ حامل من السبي حتى تضع ، ولا غير ذات حمل حتى تحيض” .

ولما جمعت الغنائم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تنحدر إلى الجعرانة ، فوقف بها إلى أن انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حصار الطائف . [ ص: 339 ]

قال ابن سعد وتبعه في العيون : كان السبي ستة آلاف رأس ، والإبل أربعة وعشرين ألف بعير ، والغنم أكثر من أربعين «ألف شاة ، وأربعة آلاف أوقية فضة .

وروى الطبراني عن بديل - بموحدة مضمومة فدال مهملة فتحتية ساكنة فلام ، بن ورقاء - رضي الله تعالى عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أن تحبس السبايا والأموال بالجعرانة حتى يقدم فحبست .

قال ابن إسحاق : وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الغنائم مسعود بن عمرو الغفاري ، وروى عبد الرزاق عن سعيد بن المسيب قال : سبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ ستة آلاف سبي بين امرأة وغلام ، فجعل عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا سفيان بن حرب . وقال البلاذري :

بديل بن ورقاء الخزاعي - والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية