سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر رميه - صلى الله عليه وسلم - حصن الطائف بالمنجنيق

قال محمد بن عمر : قالوا : وشاور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه ، فقال له سلمان الفارسي - رضي الله عنه - : يا رسول الله أرى أن تنصب المنجنيق على حصنهم ، فإنا كنا بأرض فارس ننصب المنجنيقات على الحصون . وتنصب علينا ، فنصيب من عدونا ويصيب منا بالمنجنيق ، وإن لم يكن منجنيق طال الثواء ، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعمل منجنيقا بيده ، فنصبه على حصن الطائف ، وهو أول منجنيق رمي به في الإسلام .

وروى ابن سعد عن مكحول - رحمه الله تعالى - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصب المنجنيق على أهل الطائف أربعين يوما ، ويقال : قدم به يزيد بن زمعة بن الأسود وبدبابتين ، ويقال :

الطفيل بن عمرو ، ويقال : خالد بن سعيد قدم من جرش بمنجنيق وبدبابتين ، ونثر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحسك ، شقتين من حسك من عيدان حول حصنهم ، ودخل المسلمون من تحت الدبابة ، وهي من جلود البقر . وذلك اليوم يقال له يوم الشدخة لما شدخ فيه من الناس ، ثم زحفوا بها إلى جدار الحصن ليحفروه ، فأرسلت ثقيف بسكك الحديد المحماة بالنار ، فحرقت الدبابة ، فخرج المسلمون من تحتها وقد أصيب منهم من أصيب ، فرمتهم ثقيف بالنبل ، فقتل منهم رجال فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقطع أعنابهم ونخيلهم وتحريقها ، قال عروة : أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كل رجل من المسلمين أن يقطع خمس نخلات وخمس حبلات ، فقطع المسلمون قطعا ذريعا .

فنادت ثقيف : لم تقطع أموالنا ؟ إما أن تأخذها إن ظهرت علينا ، وإما أن تدعها لله وللرحم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فإني أدعها لله وللرحم فتركها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

وكان رجل يقوم على الحصن فيقول : روحوا رعاء الشاء روحوا جلابيب محمد أتروننا نبتئس على أحبل أصبتموها من كرومنا ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللهم روح مروحا إلى النار . [ ص: 386 ]

قال سعد بن أبي وقاص فأرميه بسهم فوقع في نحره فهوى من الحصن ميتا ، فسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية