سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر قسمته - صلى الله عليه وسلم - أموال هوازن بعد أن رد عليهم سبيهم

روى ابن إسحاق في رواية يونس عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من رد سبايا هوازن ، ركب بعيره وتبعه الناس يقولون : يا رسول الله ، اقسم علينا فيئنا حتى اضطروه إلى شجرة فانتزعت رداءه ، فقال : "يا أيها الناس ، ردوا علي ردائي ، فو الذي نفسي بيده لو كان لكم عندي عدد شجر تهامة نعما لقسمته عليكم ثم ما ألقيتموني بخيلا ولا كذابا" ، ثم قام رسول الله - إلى جنب بعيره ، فأخذ من سنامه وبرة فجعلها بين إصبعيه فقال : "أيها الناس والله ما لي من فيئكم ولا هذه الوبرة إلا الخمس ، والخمس مردود عليكم ، فأدوا الخياط والمخيط وإياكم والغلول فإن الغلول عار وشنار على أهله يوم القيامة" فجاء رجل من الأنصار بكبة خيط من خيوط شعر ، فقال : يا رسول الله ، أخذت هذه الوبرة لأخيط بها برذعة بعير لي دبر ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أما حقي منها فهو لك" فقال الرجل : أما إذ بلغ الأمر فيها هذا فلا حاجة لي بها ، فرمى بها من يده .

وروى عبد الرزاق في جامعه عن زيد بن أسلم عن أبيه : أن عقيل بن أبي طالب - رضي الله عنه - دخل يوم حنين على امرأته فاطمة بنت شيبة وسيفه ملطخ دما ، فقال : دونك هذه الإبرة تخيطين بها ثيابك فدفعها إليها ، فسمع منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أخذ شيئا فليرده حتى الخياط والمخيط ، فرجع عقيل وقال : ما أجد إبرتك إلا ذهبت منك ، فأخذها فألقاها في المغنم .

وعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال : صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين إلى جنب بعير من المغانم فلما سلم تناول وبرة بين أنملتين وفي رواية فجعلها بين إصبعيه ثم قال : "أيها الناس ، إن هذه من مغانمكم ، وليس لي فيها إلا نصيبي معكم ، الخمس ، والخمس مردود عليكم فأدوا الخيط والمخيط ، وأكثر من ذلك وأصغر ، ولا تغلوا فإنه عار ونار وشنار على أهله في الدنيا والآخرة رواه الإمام أحمد وابن ماجة .

وروى عبد الرزاق والبخاري عن جبير بن مطعم - رضي الله عنه - أنه بينما هو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه الناس مقفلة من حنين علقت الأعراب برسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسألونه ، حتى اضطروه إلى سمرة فخطفت رداءه ، فوقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال : "أعطوني ردائي فلو كان لي عدد هذه العضاه نعما لقسمته عليكم ثم لا تجدوني بخيلا ولا كذابا ولا جبانا " . [ ص: 396 ]

وعن أنس قال : كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه برد نجراني غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجذبه جذبة شديدة ثم قال : مر لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يضحك ، ثم أمر له بعطاء ورداء .

قالوا : وجمعت الغنائم بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءه أبو سفيان بن حرب وقال : يا رسول الله أصبحت أكثر قريش مالا ، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

التالي السابق


الخدمات العلمية