سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر رجوع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة

قال محمد بن عمر وابن سعد : انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الجعرانة ليلة الخميس لخمس ليال خلون من ذي القعدة ، فأقام بالجعرانة ثلاث عشرة ليلة ، وأمر ببقايا السبي فحبس بمجنة بناحية مر الظهران . قال في البداية والظاهر أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما استبقى بعض المغنم ليتألف به من يلقاه من الأعراب بين مكة والمدينة : فلما أراد الانصراف إلى المدينة خرج ليلة الأربعاء لثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة ليلا ، فأحرم بعمرة من المسجد الأقصى الذي تحت الوادي بالعدوة القصوى ، ودخل مكة فطاف وسعى ماشيا ، وحلق ورجع إلى الجعرانة من ليلته ، وكأنه كان بائتا بها ، واستخلف عتاب - بالمهملة وتشديد الفوقية وبالموحدة - ابن أسيد بالدال - كأمير - على مكة - وكان عمره حينئذ نيفا وعشرين سنة - وخلف معه معاذ بن جبل - زاد محمد بن عمر والحاكم : وأبا موسى الأشعري - رضي الله عنهم يعلمان الناس القرآن [ ص: 407 ]

والفقه في الدين ، وذكر عروة بن عقبة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلف عتابا ومعاذا بمكة قبل خروجه إلى هوازن ، ثم خلفهما حين رجع إلى المدينة .

قال ابن هشام : وبلغني عن زيد بن أسلم - رحمه الله تعالى - أنه قال : لما استعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عتابا على مكة رزقه كل يوم درهما ، فقام فخطب الناس فقال : "أيها الناس ، أجاع الله كبد من جاع على درهم ! ! فقد رزقني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - درهما كل يوم ، فليست لي حاجة إلى أحد" .

قلت : ترجمته وبعض محاسنه في تراجم الأمراء .

قال محمد بن عمر وابن سعد : فلما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أمره غدا يوم الخميس راجعا إلى المدينة ، فسلك في وادي الجعرانة ، حتى خرج على سرف ، ثم أخذ في الطريق إلى مر الظهران ، ثم إلى المدينة يوم الجمعة لثلاث بقين من ذي القعدة - فيما زعمه - أبو عمرو المدني .

قال أبو عمرو : وكانت مدة غيبته - صلى الله عليه وسلم - من حين خرج من المدينة إلى مكة فافتتحها ، وواقع هوازن ، وحارب أهل الطائف إلى أن رجع إلى المدينة شهرين وستة عشر يوما .

التالي السابق


الخدمات العلمية