سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر خروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأين عسكر ؟ وخروج عبد الله بن أبي معه مكرا ومكيدة ، ورجوعه أخزاه الله تعالى

قالوا : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رجب سنة تسع فعسكر - صلى الله عليه وسلم - في ثنية الوداع ومعه زيادة على ثلاثين ألفا ، قال ابن إسحاق ، ومحمد بن عمر ، وابن سعد ، ورواه محمد بن عمر ونقله ابن الأمين عن زيد بن ثابت ، وروى الحاكم في الإكليل عن معاذ بن جبل قال :

خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى غزوة تبوك زيادة على ثلاثين ألفا ، ونقل الحاكم في الإكليل عن أبي زرعة قال : كانوا بتبوك سبعين ألفا ، وجمع بين الكلامين بأن من قال : ثلاثين ألفا لم يعد التابع . ومن قال سبعين ألفا عد التابع والمتبوع . وكانت الخيل عشرة آلاف فرس ، وقيل بزيادة ألفين .

وروى عبد الرزاق وابن سعد عن كعب بن مالك - رضي الله عنه - قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك يوم الخميس ، وكانت آخر غزوة غزاها ، وكان يستحب أن يخرج يوم الخميس ، وعسكر عبد الله بن أبي معه على حدة ، عسكره أسفل منه نحو ذباب ، قال ابن إسحاق ، ومحمد بن عمر ، وابن سعد : وكان فيما يزعمون ليس بأقل العسكرين . قال ابن حزم :

وهذا باطل ، لم يتخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ما بين السبعين إلى الثمانين فقط ، فأقام ابن أبي ما أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو تبوك تخلف ابن أبي راجعا إلى المدينة فيمن تخلف من المنافقين ، وقال : يغزو محمد بني الأصفر مع جهد الحال والحر [ ص: 443 ] والبلد البعيد إلى ما لا طاقة له به ، يحسب محمد أن قتال بني الأصفر معه اللعب ، والله لكأني أنظر إلى أصحابه مقرنين في الحبال ، إرجافا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبأصحابه .

قال عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب : خرج المسلمون في غزوة تبوك الرجلان والثلاثة على بعير واحد . رواه البيهقي ، وخرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناس من المنافقين لم يخرجوا إلا رجاء الغنيمة .

ولما رحل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ثنية الوداع عقد الألوية والرايات ، فدفع لواءه الأعظم إلى أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - ورايته العظمى إلى الزبير بن العوام ، ودفع راية الأوس إلى أسيد بن الحضير ، وراية الخزرج إلى أبي دجانة ، ويقال إلى الحباب بن المنذر ، وأمر كل بطن من الأنصار أن يتخذ لواء ، ورأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برأس الثنية عبدا متسلحا ،

فقال العبد :

أقاتل معك يا رسول الله فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ارجع إلى سيدك لا تقتل معي فتدخل النار
،

ونادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يخرج معنا إلا مقو فخرج رجل على بكر صعب فصرعه بالسويداء ، فقال الناس : الشهيد الشهيد فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مناديا : لا يدخل الجنة عاص .

وكان دليله - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك علقمة بن الفغواء الخزاعي - رضي الله عنه - .

التالي السابق


الخدمات العلمية