سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر استسقائه - صلى الله عليه وسلم - ربه حين شكوا إليه العطش ، وما وقع في ذلك من الآيات

روى البيهقي عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب رحمه الله تعالى - قال :

خرج المسلمون إلى تبوك في حر شديد فأصابهم يوم عطش حتى جعلوا ينحرون إبلهم ليعصروا أكراشها ويشربوا ماءها ، فكان ذلك عسرة في الماء ، وعسرة في النفقة ، وعسرة في الظهر وروى الإمام أحمد وابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة قال عمر : خرجنا إلى تبوك في يوم قيظ شديد ، فنزلنا منزلا وأصابنا فيه عطش حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع حتى إن كان الرجل يذهب يلتمس [ ص: 448 ] الرجل فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستقطع حتى إن كان الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه ويجعل ما بقي على كبده ، فقال أبو بكر : يا رسول الله ، إن الله عز وجل قد عودك في الدعاء خيرا ، فادع الله تعالى لنا ، قال "أتحب ذلك ؟ " قال نعم فرفع يديه نحو السماء فلم يرجعهما حتى قالت السماء فأظلت ثم سكبت ، فملئوا ما معهم ، ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جاوزت العسكر ، وروى ابن أبي حاتم عن ابن حرزة - رحمه الله تعالى - قال : نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار في غزوة تبوك .

ونزلوا الحجر فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أن لا يحملوا من مائها شيئا ثم ارتحل ، ثم نزل منزلا آخر وليس معهم ماء ، فشكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام فصلى ركعتين ، ثم دعا فأرسل الله سبحانه وتعالى سحابة فأمطرت عليهم حتى استقوا منها ، فقال رجل من الأنصار لآخر من قومه يتهم بالنفاق : ويحك قد ترى ما دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمطر الله علينا السماء ، فقال :

إنما أمطرنا بنوء كذا وكذا ، فأنزل الله تعالى : وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون [الواقعة 82] ذكر ابن إسحاق أن هذه القصة كانت بالحجر ، وروي عن محمود بن لبيد عن رجال من قومه قال : كان رجل من المنافقين معروف نفاقه يسير مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيثما سار ، فلما كان من أمر الحجر ما كان ، ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين دعا فأرسل الله تعالى السحابة فأمطرت حتى ارتوى الناس ، قالوا أقبلنا عليه نقول ويحك ، هل بعد هذا شيء ؟ قال : سحابة مارة .

التالي السابق


الخدمات العلمية