سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر نزوله - صلى الله عليه وسلم - تبوك واتخاذه مسجدا

قال شيوخ محمد بن عمر : لما انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك وضع حجرا قبلة مسجد تبوك وأومأ بيده إلى الحجر وما يليه ثم صلى بالناس الظهر ، ثم أقبل عليهم فقال : "ما ها هنا شام ، وما ها هنا يمن" . [ ص: 452 ]

وروى الإمام أحمد : خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام تبوك وهو مسند ظهره إلى نخلة فقال :

"ألا أخبركم بخير الناس وشر الناس ، إن من خير الناس رجلا يحمل في سبيل الله على ظهر فرسه أو على ظهر بعيره أو على قدميه حتى يأتيه الموت . وإن من شر الناس رجلا فاجرا جريئا يقرأ كتاب الله لا يرعوي إلى شيء منه"
.

وروى البيهقي عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أصبح بتبوك حمد الله تعالى وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : "أيها الناس أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وأوثق العرى كلمة التقوى ، وخير الملل ملة إبراهيم ، وخير السنن سنة محمد ، وأشرف الحديث ذكر الله ، وأحسن القصص القرآن ، هذا وخير الأمور عوازمها ، وشر الأمور محدثاتها وأحسن الهدي هدي الأنبياء ، وأشرف الموت قتل الشهداء ، وأعمى العمى الضلالة بعد الهدى ، وخير الأعمال ما نفع وشر العمى عمى القلب ، واليد العليا خير من اليد السفلى ، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى ، وشر المعذرة حين يحضر الموت ، وشر الندامة يوم القيامة ، ومن الناس من لا يأتي الجمعة إلا دبرا ، ومنهم من لا يذكر الله إلا هجرا ، ومن أعظم الخطايا اللسان الكذاب ، وخير الغنى غنى النفس ، وخير الزاد التقوى ، ورأس الحكمة مخافة الله عز وجل ، وخير ما وقر في القلوب اليقين ، والارتياب من الكفر ، والنياحة من أعمال الجاهلية ، والغلول من جثى جهنم ، والسكركة من النار ، والشعر من إبليس ، والخمر جماع الإثم ، والنساء حبالة الشيطان ، والشباب شعبة من الجنون ، وشر المكاسب كسب الربا ، وشر المأكل مال اليتيم ، والسعيد من وعظ بغيره ، والشقي من شقي في بطن أمه ، وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربعة أذرع ، والأمر إلى الآخرة ، وملاك العمل خواتمه ، وشر الرؤيا رؤيا الكذب ، وكل ما هو آت قريب ، وسباب المؤمن فسوق ، وقتال المؤمن كفر ، وأكل لحمه من معصية الله عز وجل ، وحرمة ماله كحرمة دمه ، ومن يتأل على الله يكذبه ، ومن يغفر يغفر له ، ومن يعف يعف الله عنه ، ومن يكظم الغيظ يأجره الله ، ومن يصبر على الرزية يعوضه الله ، ومن يبتغ السمعة يسمع الله به ، ومن يصبر يضعف الله له ، ومن يعص الله يعذبه الله . اللهم اغفر لي ولأمتي - قالها ثلاثا - أستغفر الله لي ولكم" .

وذكر ابن عائذ - رحمه الله تعالى - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نزل تبوك في زمان قل ماؤها [ ص: 453 ] فيه ، فاغترف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غرفة بيده من مائها فمضمض بها فاه ثم بصقه فيها ففارت حتى امتلأت ، فهي كذلك حتى الساعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية