سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر مصالحته - صلى الله عليه وسلم - ملك أيلة وأهل جربا وأذرح وهو مقيم بتبوك قبل رجوعه

لما بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد إلى أكيدر بدومة - كما سيأتي بيان ذلك في السرايا - أشفق ملك أيلة يحنة بن رؤبة أن يبعث إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما بعث إلى أكيدر ، فقدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقدم معه أهل جربا وأذرح ومقنا وأهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغلة .

قال أبو حميد الساعدي - رضي الله عنه - قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأهدى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغلة بيضاء ، وكساه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بردا وكتب له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببحرهم . رواه ابن أبي شيبة والبخاري .

روى محمد بن عمر عن جابر - رضي الله عنه - قال : رأيت يحنة بن رؤبة يوم أتي به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه صليب من ذهب ، وهو معقود الناصية فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كفر وأومأ برأسه فأومأ إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده أن ارفع رأسك ، وصالحه يومئذ ، وكساه [ ص: 461 ] بردا يمنية فاشتراه بعد ذلك أبو العباس عبد الله بن محمد بثلاثمائة دينار وأمر له بمنزل عند بلال انتهى .

قالوا : وقطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجزية جزية معلومة ثلاثمائة دينار كل سنة ، وكانوا ثلاثمائة رجل ،

وكتب لهم بذلك كتابا فيه :

بسم الله الرحمن الرحيم : هذا كتاب أمنة من الله تعالى ومحمد النبي رسول الله ليحنة بن رؤبة وأهل أيلة لسفنهم وسائرهم السارح في البر والبحر ، لهم ذمة الله وذمة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولمن كان معهم من أهل الشام ، وأهل اليمن ، وأهل البحر ، ومن أحدث حدثا فإنه لا يحول ماله دون نفسه ، وإنه طيب لمن أخذه من الناس ، وإنه لا يحل أن يمنعوا ماء يردونه ولا طريقا يردونه من بر أو بحر .

هذا كتاب جهيم بن الصلت وشرحبيل بن حسنة بإذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

وكتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل أذرح كتابا قال محمد بن عمر : نسخت كتابهم فإذا فيه : "بسم الله الرحمن الرحيم . هذا كتاب محمد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل أذرح وجربا ، إنهم آمنون بأمان الله وأمان محمد ، وإن عليهم مائة دينار في كل رجب وافية طيبة ، والله كفيل عليهم بالنصح والإحسان إلى المسلمين ، ومن لجأ من المسلمين من المخافة والتعزير إذا خشوا على المسلمين فهم آمنون ، حتى يحدث إليهم محمد - صلى الله عليه وسلم - قبل خروجه"

قالوا : وأتى أهل جربا وأذرح بجزيتهم بتبوك فأخذها .

وصالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل مقنا على ربع ثمارهم وربع غزولهم .

وروى ابن أبي شيبة ، والإمام أحمد ، ومسلم عن أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه - قال : جاء ابن العلماء صاحب أيلة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكتاب وأهدى له بغلة بيضاء ، فكتب له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأهدى له بردا .

التالي السابق


الخدمات العلمية