الباب السابع عشر في 
سرية محمد بن مسلمة  رضي الله تعالى عنه إلى القرطاء  
[وهي بطون من 
بني بكر  من 
قيس عيلان]  وكانوا ينزلون البكرات بناحية ضرية ، على رأس تسعة وخمسين شهرا من الهجرة . 
روى 
محمد بن عمربن جعفر بن محمود  قال : قال 
محمد بن مسلمة   : خرجت لعشر ليال خلون من المحرم فغبت عشرين ليلة إلا ليلة وقدمت 
المدينة  لليلة بقيت من المحرم . 
وروى 
محمد بن عمر  عن شيوخه ، 
وابن عائذ  عن  nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث محمد بن مسلمة  في ثلاثين رجلا ركبانا ، فيهم  nindex.php?page=showalam&ids=4582عباد بن بشر ،  وسلمة بن سلامة بن وقش ،  والحارث بن خزيمة  إلى بني بكر بن كلاب ،  وأمره أن يسير الليل ويكمن النهار ، وأن يشن الغارة عليهم حتى إذا كان بالشربة  لقي ظعنا فأرسل رجلا من أصحابه يسأل : من هم ؟ فذهب الرجل ثم رجع إليه ، فقال : قوم من محارب .  فنزلوا قريبا منه وحلوا وروحوا ماشيتهم فأمهلهم حتى إذا عطنوا أغار عليهم ، فقتل نفرا منهم وهرب سائرهم ، فلم يطلب من هرب واستاق نعما وشاء ولم يتعرض للظعن . ثم انطلق حتى إذا كان بموضع يطلعه علىبني بكر  بعث عائذ بن بسر  إليهم ، فأوفى على الحاضر فأقام . وخرج محمد  في أصحابه فشن عليهم الغارة فقتل منهم عشرة واستاقوا النعم والشاء ، ثم انحدر إلى المدينة  فما أصبح إلا بضرية  مسيرة ليلة أو ليلتين ، ثم حدر بالنعم وخاف الطلب فطرد الشاء أشد الطرد ، فكانت تجري معهم كأنها الخيل حتى بلغ العداسة  فأبطأ عليهم الشاء بالربذة  فخلفه مع نفر من أصحابه وطرد النعم ، فقدم المدينة  على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووصل بعده الشاء؛ فخمس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به ثم فض على أصحابه ما بقي ، فعدلوا الجزور بعشر من الغنم . وذكر 
 nindex.php?page=showalam&ids=13898البلاذري   nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم  أنها كانت في المحرم سنة ست وأن 
ثمامة بن أثال الحنفي  أخذ فيها ، وذكر حديث إسلامه . 
روى الشيخان 
والبخاري  مختصرا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم  مطولا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12563وابن إسحاق  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة  رضي الله تعالى عنه : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=650442«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خيلا قبل نجد ،  فجاءت برجل من بني حنيفة  يقال له ثمامة بن أثال  سيد أهل اليمامة  ولا يشعرون من هو حتى أتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : «أتدرون من أخذتم ؟ هذا ثمامة بن أثال الحنفي ،  أحسنوا إساره» . فربطوه بسارية من سواري المسجد»  . 
وروى 
 nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق  أن 
ثمامة  كان رسول 
مسيلمة  إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك وأراد اغتياله ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه تبارك وتعالى أن يمكنه منه ، فدخل 
المدينة  معتمرا وهو مشرك فدخل 
المدينة  حتى تحير فيها فأخذ ، انتهى . ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فقال : 
«اجمعوا ما كان عندكم من طعام فابعثوا به إليه»  . وأمر بلقحته أن يغدى عليه بها وبراح ، فجع .  
[ ص: 72 ] 
لا يقع من 
ثمامة  موقعا ويأتيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=654024«ما عندك يا ثمامة ؟ »  فيقول : «عندي خير يا محمد»   . وفي لفظ : «أسلم يا ثمامة»   . فيقول : «أيها يا محمد ،  إن تقتل تقتل ذا دم ، وإن تنعم تنعم على شاكر ، وإن ترد الفداء فسل منه ما شئت» . فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان الغد ، فقال : «ما عندك يا ثمامة ؟ »  قال : عندي ما قلت لك . وذكر مثله : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أطلقوا ثمامة»  فأطلقوه فانطلق إلى نخل قريب من المسجد ، فاغتسل ثم دخل المسجد ، فقال : «أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا  عبده ورسوله ، يا محمد  والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلي ، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك فأصبح دينك أحب الدين كله إلي ، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إلي ، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى ؟ » فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر . فلما أسلم جاءوه بما كانوا يأتونه به من الطعام وباللقحة فلم يصب من حلابها إلا يسيرا ، فعجب المسلمون من ذلك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [حين بلغه ذلك] : «مم تعجبون ؟ أمن رجل أكل أول النهار في معى كافر وأكل في آخر النهار في معى مسلم ؟ إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء وإن المسلم يأكل في معى واحد»  . 
قال 
ابن هشام  رحمه الله تعالى : فبلغني أنه خرج معتمرا حتى إذا كان ببطن 
مكة  لبى؛ فكان أول من دخل 
مكة  يلبي . فأخذته 
قريش  فقالوا : لقد اجترأت علينا . فلما قدموه ليضربوا عنقه؛ قال قائل منهم : دعوه فإنكم تحتاجون إلى 
اليمامة  لطعامكم فخلوه . فقال الحنفي في ذلك : 
ومنا الذي لبى بمكة  معلنا برغم أبي سفيان في الأشهر الحرم 
وقالوا : أصبوت يا 
ثمامة ؟  فقال : لا ، ولكني أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اتبعت خير دين ، دين 
محمد  ووالله لا تصل إليكم من 
اليمامة  حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم خرج إلى 
اليمامة  فمنعهم أن يحملوا منها شيئا إلى 
مكة  حتى أكلت 
قريش  العلهز . 
فجاء 
أبو سفيان  إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي رواية قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=66703«ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين ؟ » قال : «بلى» . قال : «فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع» . 
وفي رواية : فكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنك تأمر بصلة الرحم وإنك قد قطعت أرحامنا» . فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه أن يخلي بينهم وبين الحمل ، وأنزل الله عز وجل : ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون  [المؤمنون 76] .