سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب التاسع والعشرون في سرية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه إلى بني سعد بن بكر بفدك في شعبان سنة ست .

روى محمد بن عمر عن يعقوب بن زمعة رحمهم الله تعالى قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا في مائة رجل إلى حي بن سعد بن بكر بفدك . قالوا : بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لهم جمعا يريدون أن يمدوا يهود خيبر . فسار علي الليل وكمن النهار حتى انتهى إلى الغمج ، وهو ماء بين خيبر وفدك . فوجدوا به رجلا فقالوا : «ما أنت ؟ » فقال : «باغ» ، فقالوا : «هل لك علم بما وراءك من جمع بني سعد ؟ » قال : «لا علم لي به» . فشددوا عليه ، فأقر أنه عين لهم بعثوه إلى خيبر يعرض على يهودها نصرهم على أن يجعلوا لهم من تمرهم كما جعلوا لغيرهم ويقومون عليهم ، فقالوا له : «فأين القوم ؟ » قال : «تركتهم قد تجمع منهم مائتا رجل ورأسهم وبر بن عليم» . قالوا :

«فسر بنا حتى تدلنا» قال : «على أن تؤمنوني» . قالوا : (إن دللتنا عليهم أو على سرحهم آمناك وإلا فلا أمان لك ) . قال : «فذاك» . فخرج بهم دليلا حتى ساء ظنهم به وأوفى على فدفد وآكام ، ثم أفضى بهم إلى أرض مستوية ، فإذا نعم كثيرة وشاء ، فقال : «هذه نعمهم وشاؤهم» . فأغاروا عليها . فقال : «أرسلوني» . فقالوا : حتى نأمن الطلب . ونذر بهم رعاء النعم والشاء ، فهربوا في جمعهم [وتفرقوا] فقال الدليل : «علام تحبسني ؟ قد تفرقت الأعراب» .

قال علي : «حتى نبلغ معسكرهم»

فانتهى بهم إليه فلم ير أحدا . فأرسلوه وساقوا النعم والشاء وكانت النعم خمسمائة بعير والشاء ألفي شاة . وعزل علي صفي رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوحا تدعى الحفدة ثم عزل الخمس وقسم سائر الغنائم على أصحابه ، وقدم علي ومن معه المدينة .

التالي السابق


الخدمات العلمية