سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر رجوع خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنكار عبد الرحمن بن عوف على خالد بن الوليد رضي الله عنهما .

روى محمد بن عمر ، وأبو النيسابوري في الشرف ، والحاكم في الإكليل ، وابن عساكر عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : قدم خالد بن الوليد على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما صنع ببني جذيمة ما صنع وقد عاب عبد الرحمن بن عوف على خالد ما صنع . قال : يا خالد ، أخذت بأمر الجاهلية في الإسلام ، قتلتهم بعمك الفاكه . وأعانه عمر بن الخطاب على خالد ، فقال خالد : أخذتهم بقتل أبيك ، وفي لفظ : فقال : إنما ثأرت بأبيك . فقال عبد الرحمن : كذبت والله لقد قتلت قاتل أبي ، وأشهدت على قتله عثمان بن عفان . ثم التفت إلى عثمان فقال : أنشدك الله هل علمت أني قتلت قاتل أبي ؟ فقال عثمان : اللهم نعم . ثم قال عبد الرحمن : ويحك يا خالد ولو لم أقتل قاتل أبي أكنت تقتل قوما مسلمين بأبي في الجاهلية ؟ قال خالد : ومن أخبرك أنهم [ ص: 203 ] أسلموا ؟ فقال : أهل السرية كلهم يخبرونا أنك قد وجدتهم بنوا المساجد وأقروا بالإسلام ، ثم حملتهم على السيف . قال : جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أغير عليهم . وعند ابن إسحاق [وقد قال بعض من يعذر خالدا أنه] قال : ما قاتلت حتى أمرني بذلك عبد الله بن حذافة السهمي وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرك أن تقاتلهم لامتناعهم عن الإسلام ، انتهى . فقال عبد الرحمن : كذبت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وغالظ عبد الرحمن . قال ابن إسحاق : فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى .

فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خالد وغضب عليه وقال : «يا خالد ذر لي أصحابي ، متى ينكأ المرء ينكأ المرء ولو كان لك أحد ذهبا تنفقه قيراطا قيراطا في سبيل الله لم تدرك غدوة أو روحة من غدوات أو روحات عبد الرحمن» .

وعند ابن إسحاق : غدوة رجل من أصحابي .

وروى البخاري عن أبي سعيد الخدري- بالخاء المعجمة المضمومة وسكون الدال المهملة- رضي الله عنه قال : كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيء فسبه خالد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تسبوا أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» .

التالي السابق


الخدمات العلمية