سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب السادس في وفد بني أسد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

روى ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي ، وهشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه قالا : قدم عشرة رهط من بني أسد بن خزيمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول سنة تسع ، فيهم حضرمي بن عامر ، وضرار بن الأزور ، ووابصة بن معبد ، وقتادة بن القائف ، وسلمة بن حبيش ، وطليحة بن خويلد ، ونقادة بن عبد الله بن خلف ورسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد مع أصحابه ، فسلموا وقال متكلمهم : يا رسول الله ، إنا شهدنا ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنك عبده ورسوله .

وقال حضرمي بن عامر : «أتيناك نتدرع الليل البهيم في سنة شهباء ، ولم تبعث إلينا بعثا» ، فنزلت فيهم :
يمنون عليك أن أسلموا
[الحجرات 17] . وروى النسائي والبزار وابن مردويه عن ابن عباس ، وسعيد بن منصور وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عن سعيد بن جبير ، وابن المنذر ، والطبراني ، وابن مردويه بسند حسن عن عبد الله بن أوفى ، قال الأولان : جاءت بنو أسد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله أسلمنا ولم نقاتلك كما قاتلك العرب ، وفي رواية بنو فلان . فأنزل الله تعالى : يمنون عليك أن أسلموا .

قال ابن سعد : وكان معهم قوم من بني الزنية وهم بنو مالك بن ثعلبة بن دودان بن أسد . فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أنتم بنو الرشدة» . فقالوا : لا نكون مثل بني محولة ، يعنون بني عبد الله بن غطفان . ومما سألوا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم- يومئذ العيافة والكهانة وضرب الحصى فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم- عن ذلك كله . فقالوا يا رسول الله إن هذه الأمور كنا نفعلها في الجاهلية ، أرأيت خصلة بقيت ؟ قال : «وما هي ؟ » قال [صلى الله عليه وسلم] : «الخط ، علمه نبي من الأنبياء فمن صادف مثل علمه علم» .

وروى ابن سعد عن رجال من بني أسد ثم من بني مالك بن مالك بن أسد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال لنقادة بن عبد الله بن خلف بن عميرة بن مري بن سعد بن مالك الأسدي : «يا نقادة ابغ لي ناقة حلبانة ركبانة ولا تولهها على ولد» . فطلبها في نعمه فلم يقدر عليها . فوجدها عند ابن عم له يقال له سنان بن ظفير ، فأطلبه إياها ، فساقها نقادة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم- ، فمسح ضرعها ودعا نقادة فحلبها حتى إذا أبقى فيها بقية من لبنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- : أي نقادة اترك دواعي اللبن» . فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم- وسقى أصحابه من [ ص: 267 ] لبن تلك الناقة ، وسقى نقادة سؤره وقال : «اللهم بارك فيها من ناقة وفيمن منحها» . قال نقادة : قلت : وفيمن جاء بها يا رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : وفيمن جاء بها» .

التالي السابق


الخدمات العلمية