سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب الحادي والثلاثون في وفود جهينة إليه صلى الله عليه وسلم

روى ابن سعد عن أبي عبد الرحمن المدني قال : لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وفد إليه عبد العزى بن بدر بن زيد بن معاوية الجهني من بني الربعة بن زيدان بن قيس بن جهينة ، ومعه أخوه لأمه أبو روعة ، وهو ابن عم له . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد العزى : «أنت عبد الله » .

ولأبي روعة : «أنت رعت العدو إن شاء الله» . وقال : «من أنتم ؟ » قالوا : بنو غيان . قال : «أنتم بنو رشدان » .

وكان اسم واديهم غوى ، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم : - رشدا - وقال لجبلي جهينة :

« الأشعر والأجرد : هما من جبال الجنة لا تطؤهما فتنة» . وأعطى اللواء يوم الفتح عبد الله بن بدر وخط لهم مسجدهم ، وهو أول مسجد خط بالمدينة
.

وروى ابن سعد عن رجل من جهينة من بني دهمان عن أبيه وقد صحب النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال عمرو بن مرة الجهني : كان لنا صنم وكنا نعظمه وكنت سادنه ، فلما سمعت برسول الله صلى الله عليه وسلم كسرته وخرجت حتى أقدم المدينة على النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمت وشهدت شهادة الحق ، وآمنت بما جاء به من حلال وحرام ، فذلك حين أقول :


شهدت بأن الله حق وأنني لآلهة الأحجار أول تارك     وشمرت عن ساقي الإزار مهاجرا
إليك أجوب الوعث بعد الدكادك     لأصحب خير الناس نفسا ووالدا
رسول مليك الناس فوق الحبائك

قال : ثم بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام فأجابوه إلا رجلا واحدا ، رد عليه قوله فدعا عليه عمرو بن مرة فسقط فوه فما كان يقدر على الكلام وعمي واحتاج
.

وعن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « جهينة مني وأنا منهم ، غضبوا لغضبي ورضوا لرضائي ، أغضب لغضبهم . من أغضبهم فقد أغضبني ، ومن أغضبني فقد أغضب الله» . رواه الطبراني برجال ثقات غير الحارث بن معبد فيحرر حاله .

تنبيه : في بيان غريب ما سبق :

بنو الربعة : [بالتحريك حي من الأزد ] . [ ص: 317 ]

زيدان : بلفظ تثنية زيد .

أبو روعة : [بفتح الراء وسكون الواو ، وبالعين المهملة فتاء تأنيث] .

بنو غيان : بغيم معجمة فمثناة تحتية مشددة فألف فنون .

أجوب : بألف فجيم مضمومة فواو موحدة : أكشف .

الوعث : [بفتح الواو وسكون العين المهملة وبالثاء المثلثة] .

الدكادك : [ما تلبد من الرمل بالأرض] .

الحبائك : بحاء مهملة فموحدة مفتوحتين فألف فمثناة تحتية فكاف : الطرق واحدها حبيكة والمراد بها السماء لأن فيها طرق النجوم . [ ص: 318 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية