الباب الرابع والخمسون في 
وفود بني سليم  إليه صلى الله عليه وسلم 
قالوا : 
وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من بني سليم  يقال له : قيس بن نسيبة  فسمع كلامه وسأله عن أشياء فأجابه ووعى ذلك كله ودعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فأسلم ورجع إلى قومه بني سليم  فقال : قد سمعت برجمة الروم  وهينمة فارس  وأشعار العرب وكهانة الكاهن وكلام مقاول حمير  فما يشبه كلام محمد  شيئا من كلامهم فأطيعوني وخذوا نصيبكم منه . 
فلما كان عام الفتح خرجت بنو سليم  إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقوه بقديد  وهم سبعمائة . 
ويقال كانوا ألفا وفيهم العباس بن مرداس  ، وأنس بن عباس بن رعل  ، وراشد بن عبد ربه  فأسلموا وقالوا : اجعلنا في مقدمتك واجعل لواءنا أحمر وشعارنا مقدما . ففعل ذلك بهم فشهدوا معه الفتحوالطائف  وحنينا  وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم راشد بن عبد ربه  رهاطا  وفيها عين يقال لها عين الرسول . وكان راشد  يسدن لبني سليم  فرأى يوما ثعلبين يبولان عليه فقال : 
أرب يبول الثعلبان برأسه لقد ذل من بالت عليه الثعالب 
ثم شد عليه فكسره . 
ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : «ما اسمك ؟ » قال : غاوي بن عبد العزى  قال : «أنت راشد بن عبد ربه  » . فأسلم وحسن إسلامه وشهد الفتح مع النبي صلى الله عليه وسلم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «خير قرى عربية خيبر  وخير بني سليم  راشد  »  . وعقد له على قومه . 
وروى 
ابن سعد  عن رجل من 
بني سليم  من 
بني الشريد  قالوا : 
وفد رجل منا يقال له قدد بن عمار  على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة  فأسلم وعاهده على أن يأتيه بألف من قومه على الخيل . 
ثم أتى قومه فأخبرهم الخبر فخرج معه تسعمائة وخلف في الحي مائة فأقبل بهم يريد النبي صلى الله عليه وسلم فنزل به الموت فأوصى إلى ثلاثة رهط من قومه : إلى عباس بن مرداس  وأمره على ثلاثمائة ، وإلى جبار بن الحكم  وهو الفرار الشريدي  وأمره على ثلاثمائة ، وإلى الأخنس بن يزيد  وأمره على ثلاثمائة وقال : ائتوا هذا الرجل حتى تقضوا العهد الذي في عنقي ، ثم مات . فمضوا حتى قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : «أين الرجل الحسن الوجه الطويل اللسان الصادق الإيمان ؟ » قالوا : يا رسول الله دعاه الله فأجابه وأخبروه خبره فقال : «أين تكملة الألف الذين عاهدني  [ ص: 347 ] عليهم ؟ » قالوا : قد خلف مائة بالحي مخافة حرب كانت بيننا وبين كنانة  قال : «ابعثوا إليها فإنه لا يأتيكم في عامكم هذا شيء تكرهونه» . فبعثوا إليها فأتته بالهدة وهي مائة عليها المنقع بن مالك بن أمية  ، فلما سمعوا وئيد الخيل قالوا : يا رسول الله أتينا قال : «لا بل لكم لا عليكم هذه سليم بن منصور  قد جاءت» . فشهدوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الفتح وحنينا   . 
تنبيه : في بيان غريب ما سبق : 
سليم   : [بضم السين المهملة وفتح اللام وسكون المثناة التحتية فميم] . 
نسيبة   : [بضم النون وفتح السين المهملة وسكون المثناة التحتية وفتح الموحدة فتاء تأنيث] . 
ترجمة : بمثناة فوقية مفتوحة فراء ساكنة فجيم فميم : نقل لغة إلى لغة أخرى . 
هينمة   : بهاء مفتوحة ساكنة فنون فميم فتاء تأنيث : كلام خفي لا يفهم والياء زائدة . 
رهاط   : [بضم أوله قرية على ثلاثة أميال من 
مكة   ] .  
[ ص: 348 ]