سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب السابع والثمانون في وفود مزينة إليه صلى الله عليه وسلم

روى الإمام أحمد ، والطبراني ، والبيهقي ، وأبو نعيم عن النعمان بن مقرن رضي الله تعالى عنه قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أربعمائة من مزينة وجهينة ، فأمرنا بأمره ، فقال القوم : يا رسول الله ما لنا من طعام نتزوده . فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله تعالى عنه : «زود القوم» . فقال : يا رسول الله ما عندي إلا فضلة من تمر وما أراها تغني عنهم شيئا . قال : «انطلق فزودهم» . فانطلق بنا إلى علية فإذا تمر مثل البكر الأورق . فقال : خذوا . فأخذ القوم حاجتهم .

قال : وكنت في آخر القوم فالتفت وما أفقد موضع تمرة ، وقد احتمل منه أربعمائة وكأنا لم نرزأه تمرة . وفي لفظ : فنظرت وما أفقد موضع تمرة من مكانها
.

وروى ابن سعد عن كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده قال : كان أول من وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم من مضر أربعمائة من مزينة ، وذلك في رجب سنة خمس فجعل لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الهجرة في دارهم وقال : «أنتم مهاجرون حيث كنتم فارجعوا إلى أموالكم» ، فرجعوا إلى بلادهم .

وقال [ ابن سعد : أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي أخبرنا أبو مسكين وأبو عبد الرحمن العجلاني قالا] : قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من مزينة منهم خزاعي بن عبد نهم ، فبايعه على قومه مزينة ، وقدم معه عشرة منهم ، فيهم بلال بن الحارث ، والنعمان بن مقرن ، وأبو أسماء ، وأسامة ، وعبد الله بن بردة ، وعبد الله بن درة وبشر بن المحتفز ، وكان منهم دكين بن سعيد ، وعمرو بن عوف .

قال : وقال هشام في حديثه :
ثم إن خزاعيا خرج إلى قومه فلم يجدهم كما ظن ، فأقام ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه فقال : «اذكر خزاعيا ولا تهجه»

فقال حسان بن ثابت :


ألا أبلغ خزاعيا رسولا بأن الذم يغسله الوفاء     وأنك خير عثمان بن عمرو
وأسناها إذا ذكر السناء     وبايعت الرسول وكان خيرا
إلى خير وأداك الثراء [ ص: 412 ]     فما يعجزك أو ما لا تطقه
من الأشياء لا تعجز عداء

قال : وعداء بطنه الذي هو منه . قال : فقام خزاعي فقال : يا قوم ، قد خصكم شاعر الرجل ، فأنشدكم الله . قالوا : فإنا لا ننبو عليك . قال : وأسلموا ووفدوا على النبي صلى الله عليه وسلم ، فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم لواء مزينة يوم الفتح إلى خزاعي ، وكانوا يومئذ ألف رجل وهو أخو المغفل أبي عبد الله بن المغفل ، وأخو عبد الله ذي البجادين
.

تنبيه : في بيان غريب ما سبق :

البكر : بموحدة مفتوحة وكاف ساكنة فراء : الفتي من الإبل .

الأورق : بهمزة مفتوحة فواو ساكنة فراء فقاف هو الأسمر .

نرزأه : بنون مفتوحة فراء ساكنة فزاي مفتوحة فهمزة فهاء أي ننقصه . [ ص: 413 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية