1. الرئيسية
  2. سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد
  3. جماع أبواب بعض الوفود إليه صلى الله عليه وسلم وبارك عليه
  4. الباب الحادي والتسعون في وفود علماء نجران إليه صلى الله عليه وسلم وشهادتهم له بأنه النبي الذي كانوا ينتظرونه وامتناع من امتنع عن ملاعنته

سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر مصالحة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل نجران بعثه معهم أبا عبيدة :

رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يلاعنهم حتى إذا كان من الغد كتب لهم هذا الكتاب : «بسم الله الرحمن الرحيم : هذا ما كتب محمد النبي رسول الله لأهل نجران - إذا كان عليهم حكمه- في كل ثمرة وفي كل صفراء وبيضاء ورقيق فأفضل ذلك عليهم ، وترك ذلك كله [لهم] على ألفي حلة من حلل الأواقي في كل رجب ألف حلة ، وفي كل صفر ألف حلة ، مع كل حلة أوقية من الفضة ، فما زادت على الخراج أو نقصت عن الأواقي فبالحساب ، وما قضوا من دروع أو خيل أو ركاب أو عروض أخذ منهم بالحساب ، وعلى نجران مؤنة رسلي ومتعتهم ما بين عشرين يوما فما دون ذلك ، ولا تحبس رسلي فوق شهر .

وعليهم عارية ثلاثين درعا وثلاثين فرسا وثلاثين بعيرا إذا كان كيد ومعرة ، وما هلك مما أعاروا رسلي من دروع أو خيل أو ركاب [أو عروض] فهو ضمين على رسلي حتى يؤدوه إليهم . ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله على أنفسهم وملتهم وأرضهم وأموالهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم وبيعهم [وصلواتهم] [وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير] وألا يغيروا مما كانوا عليه بغير حق من حقوقهم ولا ملتهم ، ولا يغير أسقف عن أسقفيته ولا راهب من رهبانيته ، وليس عليهم دنية ولا دم جاهلية ولا يحشرون ولا يعشرون ولا يطأ أرضهم جيش ، ومن سأل منهم حقا فبينهم النصف غير ظالمين ولا مظلومين . [على ألا يأكلوا الربا] فمن أكل الربا من ذي قبل فذمتي منه بريئة ولا يؤخذ رجل منهم بظلم آخر ، وعلى ما في هذه الصحيفة جوار الله وذمة النبي محمد رسول الله أبدا حتى يأتي الله بأمره ما نصحوا وأصلحوا ما عليهم غير مثقلين بظلم» .

شهد أبو سفيان بن حرب ، وغيلان بن عمرو ، ومالك بن عوف النصري ، والأقرع بن حابس الحنظلي والمغيرة بن شعبة
.

وفي لفظ : أن الأسقف أبا الحارث أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه السيد العاقب ووجوه قومه وأقاموا عنده يستمعون ما ينزل الله عز وجل فكتب للأسقف هذا الكتاب ولأساقفة نجران بعده يقول فيه : «بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد النبي رسول الله للأسقف أبي الحارث وأساقفة نجران وكهنتهم ورهبانهم وأهل بيعهم ورقيقهم وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير ، لا يغير أسقف من أسقفيته وراهب من رهبانيته ولا كاهن من كهانته ، ولا يغير حق من حقوقهم ولا سلطانهم ولا مما كانوا عليه ، لهم على ذلك جوار الله تعالى ورسوله أبدا ، ما نصحوا وأصلحوا غير مثقلين بظلم ولا ظالمين» .

وكتب المغيرة بن شعبة . فلما قبض الأسقف الكتاب استأذن في الانصراف إلى قومه ومن معه فأذن لهم فانصرفوا
. [ ص: 421 ]

وروى البيهقي بإسناد صحيح إلى ابن مسعود أن السيد العاقب وأبا الحارث بن علقمة أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد أن يلاعناه ، فقال أحدهما لصاحبه : لا تلاعنه فوالله لئن كان نبيا فلاعنته لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا . فقالا : يا أبا القاسم قد رأينا ألا نلاعنك وأن نتركك على دينك ونرجع على ديننا ولكن ابعث معنا رجلا أمينا ولا تبعث معنا إلا أمينا . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «لأبعثن معكم رجلا أمينا حق أمين» فاستشرف لها أصحابه . فقال : «قم يا أبا عبيدة بن الجراح » . فلما قام قال : «هذا أمين هذه الأمة» . ورواه البخاري في صحيحه من حديث حذيفة بنحوه .

التالي السابق


الخدمات العلمية