سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب الحادي والمائة في وفود السابع إليه صلى الله عليه وسلم

روى أبو سعيد بن منصور ، والبزار ، وأبو يعلى ، والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : جاء ذئب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقعى بين يديه وجعل يبصبص بذنبه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هذا وافد الذئاب جاء يسألكم أن تجعلوا له من أموالكم شيئا» . فقالوا : لا والله يا رسول الله ، لا نجعل له من أموالنا شيئا . فقام إليه رجل من الناس ، ورماه بحجر ، فسار وله عواء .

وروى أبو نعيم ، والبيهقي من طريق الزهري عن حمزة بن أبي أسيد قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل فإذا ذئب مفترشا ذراعيه على الطريق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هذا معترض فافرضوا له» . قالوا : ما نرى يا رسول الله . قال : «من كل سائمة شاة في كل عام» . قالوا : كثير فأشار إلى الذئب أن خالسهم ، فانطلق الذئب .

وروى ابن سعد ، وأبو نعيم عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس بالمدينة في أصحابه إذ أقبل ذئب فوقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فعوى [بين يديه] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هذا وافد السباع إليكم ، فإن أحببتم أن تفرضوا له شيئا يعدوه إلى غيره ، وإن أحببتم تركتموه وتحررتم منه فما أخذ فهو رزقه» . فقالوا : يا رسول الله ، ما تطيب أنفسنا له بشيء . فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم بأصابعه أن خالسهم فولى وله عسلان .

وروى الدارمي ، وابن منيع في مسنده . وأبو نعيم من طريق شمر بن عطية عن رجل من مزينة أو جهينة قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر ، فإذا هو بقريب من مائة ذئب قد أقعين [وكانوا] وفود الذئاب فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هؤلاء وفود الذئاب سألتكم أن ترضخوا لهم شيئا من فضول طعامكم وتأمنوا على ما سوى ذلك» فشكوا إليه حاجة ، قال : «فادنوهن» .

فخرجن ولهم عواء
.

وروى محمد بن عمر ، وأبو نعيم عن سليمان بن يسار مرسلا قال : أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على الحرة فإذا ذئب واقف بين يديه فقال : «هذا يسأل من كل سائمة شاة» . فأبوا فأومأ إليه بأصابعه ، فولى . [ ص: 441 ]

تنبيه : في بيان غريب ما سبق :

أقعى : بهمزة مفتوحة فقاف ساكنة فعين مهملة وبالمد . هو إلصاق الألية بالأرض ونصب الساق والفخذ ووضع اليدين على الأرض .

يبصبص : بتحتية مضمومة فموحدة مفتوحة فصادين مهملتين بينهما موحدة مكسورة أي يحرك ذنبه .

عواء : بعين مهملة مضمومة فواو وبالمد ، أي صوت السباع وكأنه بالذئب والكلب أخص .

خالسهم : بخاء معجمة فألف فلام فسين مهملة . أي اذهب على غفلة .

عسلان : بعين فسين مهملتين فلام مفتوحة فألف فنون وهو سرعة المشي .

الحرة : بحاء وراء مهملتين مفتوحتين هي أرض ذات حجارة سود ، والله أعلم .

نجز الجزء الثاني يتلوه جماع أبواب صفاته المعنوية ، والصلاة والسلام على خير البرية محمد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا دائما إلى يوم الدين ، آمين والحمد لله رب العالمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية