سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
تنبيهات :

الأول : أنكر الإمام الحافظ أبو حاتم بن حبان رحمه الله تعالى هذه الأحاديث التي في شده صلى الله عليه وسلم الحجر على بطنه عند كلامه على قوله صلى الله عليه وسلم : «لست كأحدكم ، إني أطعم وأسقى» .

قال : لأن الله تعالى كان يطعم رسوله ويسقيه إذا واصل ، فكيف يتركه جائعا حتى يحتاج إلى شد الحجر على بطنه ؟ ثم قال : وماذا يغني الحجر من الجوع ؟ ثم ادعى أن ذلك تصحيف ممن رواه ، وإنما هي : الحجز بالزاي جمع حجزة ، قال الإمام الخطابي رحمه الله تعالى : قد أشكل الأمر في شده الحجر على البطن من الجوع على قوم ، فتوهموا أنه تصحيف ، وزعموا أنه الحجز -بضم الحاء وفتح الجيم ، بعدها زاي- جمع الحجزة ، وهي التي يشد بها الوسط ، ومن أقام بالحجاز وعرف عادتهم عرف أن الحجر واحد الحجارة؛ وذلك أن المجاعة تعتريهم كثيرا ، فإذا خوى البطن لم يمكن معه الانتصاب ، فيعمد الشخص حينئذ إلى صفائح رقاق في طول الكف ، أو أكثر ، فيربطها على بطنه ، ويشدها بعصابة فوقها ، فتعتدل قامته بعض الاعتدال ، والاعتماد بالكبد على الأرض مما يقارب ذلك .

قال الحافظ رحمه الله تعالى : قد أكثر الناس من الرد على ابن حبان في جميع ذلك ، فأبلغ ما يرد به عليه أنه أخرج في صحيحه حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرأى أبا بكر ، وعمر رضي الله تعالى عنهما فقال : «ما أخرجكما ؟ » قالا : ما أخرجنا إلا الجوع ، فقال : «أنا والذي نفسي بيده ما أخرجني إلا الجوع» الحديث . فهذا يرد ما تمسك به .

وأما قوله : «وما يغني الحجر من الجوع ؟ » فجوابه : أنه يقيم الصلب؛ لأن البطن إذا خلا ربما ضعف صاحبه على القيام لانثناء بطنه ، فإذا ربط عليه الحجر اشتد ، وقوي صاحبه على القيام ، حتى قال بعض من وقع له ذلك : كنت أظن أن الرجلين تحملان البطن ، فإذا البطن هو الذي يحمل الرجلين .

وقال الحافظ رحمه الله تعالى في موضع آخر من الفتح : قال العلماء رحمهم الله تعالى : [ ص: 105 ] فائدة شد الحجر المساعدة على الاعتدال ، وعلى الانتصاب ، والمنع من كثرة التحلل من الغثاء الذي في البطن ، يكون الحجر بقدر البطن ، فيكون الضعف أقل ، أو لتقليل حرارة الجوع ، ببرد الحجر ، أو كان فيه إشارة إلى كسر النفس .

قلت وسيأتي الكلام على حديث : «إني لست كأحدكم ، إني أطعم وأسقى» في باب وصاله من أبواب صيامه .

ويدل على أن شد الحجر على البطن من عادة العرب ما رواه الإمام أحمد ، والبخاري ، عن عبد الله بن عتيق قال : أقمت مع أبي هريرة رضي الله تعالى عنه سنة ، فقال : لو رأيتنا ، وإننا ليأتي على أحدنا الأيام ما يجد طعاما يقيم به صلبه ، حتى إن كان أحدنا ليأخذ الحجر فيشد به على أخمص بطنه ، ثم يشده بثوبه؛ ليقيم به صلبه .

قلت : وروى أبو داود الطيالسي عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال : «أصابني جوع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شددت على بطني حجرا» الحديث .

وروى الحارث بن أبي أسامة عن عامر بن ربيعة رضي الله تعالى عنه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية نخلة ، ومعنا عمرو بن سراقة ، وكان رجلا لطيف البطن طويلا ، فجاع ، فانثنى صلبه ، وكان لا يستطيع أن يمشي ، فسقط علينا ، فأخذنا صفحة من حجارة فربطناها على بطنه ، ثم شددنا إلى صلبه ، فمشى معنا ، فجئنا حيا من العرب ، فضيفونا ، فمشى معنا ، قال : كنت أحسب الرجلين تحملان البطن ، فإذا البطن يحمل الرجلين .

الثاني : قال العلماء رحمهم الله تعالى : كان فقر النبي صلى الله عليه وسلم اختياريا .

الثالث : في بيان غريب ما سبق :

البر : بباء مضمومة ، فراء : الحنطة .

جيران : بكسر الجيم .

المنائح : بحاء مهملة : جمع منيحة ، وهي عند العرب على وجهين : أحدهما العطية ، كالهبة والصلة ، والأخرى تختص بذوات الألبان ، وهو أن يعطيه الشاة مثلا لينتفع بلبنها ويردها .

الغزيرة : بالغين المعجمة ، والزاي : الكثيرة اللبن .

يمنحون : بفتح أوله وثالثه ، ويجوز ضم أوله وكسر ثالثه : أي يجعلونها .

يعيشكم : بضم أوله : يقال أعاشه الله تعالى عيشة ، وضبطه النووي بالمثناة التحتية .

الرف : براء مفتوحة ، ففاء مشددة ، خشب يرفع عن الأرض إلى جنب الجدار ، يوقى به ما يوضع عليه .

شطر : بشين معجمة مفتوحة ، فطاء مهملة ساكنة ، فراء ، قيل : أراد نصف مكوك ، وقيل : أراد نصف وسق .

[ ص: 106 ] الحنطة : بحاء مهملة مكسورة ، فنون ساكنة ، فطاء مهملة ، فتاء تأنيث : البر .

الخميص : بخاء معجمة مفتوحة ، فميم مكسورة ، فتحتية ساكنة ، فصاد مهملة : أي : ضامر البطن .

المائدة : كل شيء يمد ويبسط ، وسيأتي له بسط كلام .

الدقل : بدال مهملة ، فقاف : حشف التمر .

المصلية : بميم مفتوحة ، فصاد مهملة ساكنة ، فلام مكسورة ، فتحتية مفتوحة مشددة ، فتاء تأنيث ، أي : مشوية .

الكدرة : بكاف مفتوحة ، فدال مهملة ، فراء فتاء تأنيث : ضد الصافية .

الضفف : بضاد معجمة ففاء مفتوحتين ، ففاء أخرى : الجوع .

العريف : بعين مهملة مفتوحة ، فراء مكسورة ، فتحتية : القيم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي أمورهم ، ويتعرف الأمير منه أحوالهم ، فعيل بمعنى فاعل ، والعرافة عمله ، والمراد هنا : لم يكن له بالمدينة من هو عارف له ، أي : من يعرفه .

القرناء : بقاف مضمومة ، فراء مفتوحة ، فنون ، فألف : جمع قرين ، وهو الكفء والنظير .

المصباح : بكسر الميم : سراج مضيء .

البرمة : بموحدة مضمومة أو مكسورة فراء ساكنة ، فميم ، فتاء تأنيث : القدر مطلقا .

تهذرون : بفوقية مفتوحة ، فهاء ساكنة ، فذال معجمة ، فراء : أي تتوسعون فيها ، وتبذرونها ، وتفرقونها في كل وجه ، وروي : تهزون الدنيا ، قال في النهاية : وهو أشبه بالصواب ، يعني تقتطعونها إلى أنفسكم ، وتجمعونها ، أو تسرعون إنفاقها .

الإهالة : بكسر الهمزة ، كل ما يوقد به من الأدهان .

سنخة : بسين مهملة ، فنون مكسورة فخاء معجمة ، فتاء تأنيث : المتغيرة الرائحة .

نقد بإصبعه : بنون فقاف ، فدال مهملة ، مفتوحات : أي نقر .

قناع : بقاف مكسورة ، فنون ، فألف ، فعين مهملة ، أي : طبق .

كعب من إهالة : بكاف مفتوحة ، فعين مهملة ساكنة ، فموحدة : قطعة من السمن والدهن .

المجهود : بميم مفتوحة ، فجيم ، فهاء مضمومة ، فواو فدال مهملة : واجد المشقة .

الودك : بواو فدال مهملة مفتوحتين ، فكاف : دسم اللحم ، ودهنه الذي يستخرج منه .

القد : الجلد .

جعار الجوع : بجيم مكسورة ، فعين مهملة ، فألف فراء : يبس الطبيعة بأن ييبس الثفل في الدبر .

[ ص: 107 ] ابتهر : بهمزة وصل ، وموحدة ساكنة ، فمثناة فوقية ، فهاء ، فراء ، أي : عسي .

رغيفا مرققا : براء فقافين ، أي : لم يكن يعمل له رقاق؛ لأنه لا يكون من شعير ، وإنما يكون من البر .

السلت : بسين مهملة مضمومة ، فلام ساكنة ، فمثناة فوقية : الشعير ، أو ضرب منه أو الحامض .

ورق الحبلة : بحاء مهملة مضمومة ، فموحدة ساكنة : ثمر السمر يشبه اللوبياء ، وقيل : هو ثمر العضاة .

البرير : بموحدة مفتوحة ، فراءين : أولاهما ساكنة ، وبينهما تحتية كأمير : الأول من ثمر الأراك .

تقرحت أشداقنا : تقدم الكلام على مثله .

الغرث : بغين معجمة مفتوحة ، فراء مهملة ساكنة فمثلثة : الجوع .

الكشح : بكاف مفتوحة ، ثم شين معجمة ساكنة ، فحاء مهملة : ما بين الخاصر إلى الضلع الخلف .

ربى : براء مضمومة ، فموحدة : جمع ربوة : بضم الراء ، وسكون الموحدة : وهي ما ارتفع من الأرض .

العذق : بكسر العين المهملة ، وإسكان الذال المعجمة ، بعدها قاف : القنو . وبفتح العين : النخلة .

المدية : بميم مضمومة ، فدال مهملة ساكنة ، فتحتية مفتوحة ، فتاء تأنيث : السكين والشفرة .

الحلوب : بحاء مهملة مفتوحة ، ولام مضمومة ، وواو ، وموحدة : الحلوبة . والله أعلم .

[ ص: 108 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية