سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب الثالث والعشرون

في ضحكه صلى الله عليه وسلم ، وتبسمه صلى الله عليه وسلم

وروى الترمذي -وصححه- وابن سعد عن الحارث بن جزء رضي الله تعالى عنه قال : ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وفي رواية : ما كان ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبسما .

وروى الشيخان وسعيد بن منصور ، وأحمد وعبد وأبو داود وابن المنذر عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعا ضاحكا حتى ترى لهواته إنما كان يبتسم .

وروى الترمذي والبيهقي عن هند بن أبي هالة رضي الله تعالى عنه قال : كان جل ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم التبسم ويفتر عن مثل حب الغمام .

وروي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ضحك يتلألأ في الجدر .

وروى الخرائطي عن عمرة قالت : سألت عائشة رضي الله تعالى عنها كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خلا ؟ قالت : كان كالرجل من رجالكم ، إلا أنه كان أكرم الناس خلقا ، كان ضاحكا بساما .

ورواه أبو الحسن بن الضحاك بلفظ ، قالت : كان ألين الناس ، وأكرم الناس ، ضحاكا بساما .

وروى أبو نعيم وابن عساكر عن حصين بن يزيد الكلبي رضي الله تعالى عنه قال : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا ، ما كان إلا مبتسما .

وروى الإمام أحمد عن أم الدرداء رضي الله تعالى عنها قالت : كان أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه لا يحدث بحديث إلا تبسم فيه ، فقلت : إني أخشى أن يحمقك الناس فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحدث بحديث إلا تبسم .

وروى ابن المبارك عن عون بن عبد الله بن عتيبة بن مسعود رحمه الله ، كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يضحك إلا تبسما ، ولا يلتفت إلا جميعا .

[ ص: 122 ] وروى مسلم عن أنس رضي الله تعالى عنه في قوله تعالى : اليوم نختم على أفواههم [يس : 65] قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك ، حتى بدت نواجذه ، ثم قال : «أتدرون مم ضحكت ؟ » فذكر الحديث .

وروى أبو بكر بن أبي شيبة عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إني لأعلم أول رجل يدخل الجنة ، وآخر رجل يخرج من النار ، يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال : أعرضوا عليه صغار ذنوبه ، ويخبا عنه كبارها ، فيقال له : عملت كذا وكذا ، وهو يقر ، لا ينكر ، وهو يشفق من كبارها ، فيقال : أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة ، قال : فيقول أي رب ، إن لي ذنوبا ما أراها ههنا» قال أبو ذر رضي الله تعالى عنه : فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك ، حتى بدت نواجذه .

وروى ابن أبي شيبة وأبو نعيم عن جرير رضي الله تعالى عنه قال : ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ، ولا رآني قط إلا تبسم في وجهي .

وروى ابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : بينا أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : هلكت ، قال : «ويحك ، وما شأنك ؟ » قال : وقعت على أهلي في رمضان ، قال : «أعتق رقبة» ، قال : لا أجد ، قال : «فصم شهرين متتابعين» ، قال : ما أطيقه ، قال : «فأطعم ستين مسكينا» ، ثم قال : ما بين ظهري المدينة أحوج إليه مني ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ، ثم قال : «خذه ، واستغفر ربك» .

وروى البخاري عن أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله كان يدخل على أم حرام بنت ملحان ، فتطعمه ، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فأطعمته ، وجعلت تفلي رأسه .

وروى ابن أبي الدنيا عنه قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه ، فقال عمر رضي الله تعالى عنه : ما أضحكك بأبي أنت وأمي ؟ قال : «رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة ، تبارك وتعالى ، فقال أحدهما : يا رب ، خذ لي مظلمتي من أخي ، قال الله تعالى : أعط أخاك مظلمته ، فيقول : يا رب لم يبق من حسناتي شيء ، قال : يا رب فليحمل من أوزاري ، ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء ، فقال : إن ذلك اليوم يوم عظيم ، يوم يحتاج الناس فيه أن يحمل عنهم من أوزارهم ، قال : فيقول الله تعالى : ارفع رأسك فانظر إلى الجنان ، [ ص: 123 ] فرفع رأسه ، فقال : يا رب ، أرى مدائن من فضة ، وقصورا من ذهب ، مكللة باللؤلؤ ، لأي نبي هذا ؟ لأي صديق هذا ؟ قال الله تعالى : هذا لمن أعطاني الثمن ، قال : يا رب ومن يملك ذلك ؟ قال : أنت تملكه ، قال : بماذا ؟ قال : بعفوك عن أخيك ، قال : يا رب قد عفوت عنه ، قال الله عز وجل : خذ بيد أخيك فأدخله الجنة» .

قال النبي صلى الله عليه وسلم : «اتقوا الله ، وأصلحوا ذات بينكم ، فإن الله تعالى يصلح بين المؤمنين يوم القيامة» .


وروى عن العباس بن مرداس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا ربه عشية عرفة لأمته .

وروى ابن عدي ، وأبو بكر الشافعي عن حميد الطويل ، عن أبي الورد رضي الله تعالى عنه قال : رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآني رجلا أحمر ، فقال : «أنت أبو الورد» .

وقال لخادمه أنس بن مالك يمازحه : «يا ذا الأذنين» .


وروى قاسم بن ثابت في دلائله عن صهيب رضي الله تعالى عنه قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء وبين أيديهم تمر وبسر تمر ، وأنا أشتكي إحدى عيني ، فرفعت التمر آكله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أتأكل التمر على عينيك وأنت رمد ؟ » فقلت : إنما آكل على شقي الصحيح ، وأنا أمزح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نظرت إلى نواجذه .

وروي عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : أغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم إغفاءة فرفع رأسه متبسما فقيل .

وروى ابن أبي شيبة ، والإمام أحمد في الزهد عن صالح أبي الخليل قال : لما نزلت أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون [النجم : 59 ، 60] فما ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إلا تبسما ، ولفظ عبد بن حميد : فما رئي رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا ، ولا مبتسما حتى ذهب من الدنيا .

وروى أبو الشيخ وابن حبان عن صهيب قال : ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه .

وروى ابن أبي شيبة وأبو نعيم عن جرير بن عبد الله قال : ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا ضحك .

[ ص: 124 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية