سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب الثالث

في تحريكه يده حين يتكلم ، أو يتعجب ، وتسبيحه ، وتحريكه رأسه ، وعضه شفتيه ، وضربه يده على فخذه عند التعجب ، ونكشه الأرض بعود ، ومسحه الأرض بيده ، وتشبيكه أصابعه

وفيه أنواع :

الأول : في تحريكه يده حين يتكلم أو يتعجب .

روى الترمذي في الشمائل وابن سعد ، والبيهقي عن هند بن أبي هالة رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أشار أشار بكفه كلها ، وإذا تعجب قلبها ، وإذا تحدث اتصل بها ، وضرب براحته اليمنى بطن إبهامه اليسرى .

وفي رواية : يضرب بإبهامه اليمنى باطن راحته اليسرى .

الثاني : في تسبيحه عند التعجب .

روى البخاري عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت : استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «سبحان الله! ماذا أنزل من الخزائن ؟ وماذا أنزل من الفتن ؟ من يوقظ صواحب الحجر» -يريد به أزواجه ، حتى يصلين ؟ «رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة» .

الثالث : في تحريكه رأسه وعضه شفته عند التعجب .

الرابع : في ضربه يده على فخذه عند التعجب .

روى الشيخان وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «ألا تصلون ؟ » فقلت : يا رسول الله فإذا شاء الله أن يبعثنا بعثنا ، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قلت ذلك ، ولم يرجع إلي شيئا ، ثم سمعته وهو مدبر يضرب فخذه ، ويقول : وكان الإنسان أكثر شيء جدلا [الكهف : 54] .

الخامس : في نكشه الأرض بعود .

روى البخاري عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حائط من حوائط المدينة ، وفي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم عود يضرب به في الماء ، وفي لفظ : بين الماء والطين ، فذكر الحديث .

وروي أيضا عن علي رضي الله تعالى عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فجعل ينكش الأرض بعود ، فقال : «ليس منكم من أحد إلا وقد فرغ من مقره في الجنة أو النار [ ص: 137 ] فقالوا : أفلا نتكل ؟ قال : اعملوا؛ فكل ميسر لما خلق له فأما من أعطى واتقى الآية» [الليل : 5] .

السادس : في مسحه الأرض بيده .

روي عن أبي قتادة رضي الله تعالى عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «من كذب علي فليشهد بجنبيه مضجعا من النار» وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك ، ويمسح الأرض بيده .

السابع : في إشارته صلى الله عليه وسلم بإصبعيه السبابة والوسطى .

وروى الطبراني برجال ثقات عن ابن مسعود ، والإمام أحمد برجال الصحيح ، والبزار عن بريدة ، والإمام أحمد ، والبزار ، والطبراني برجال ثقات عن وهب السوائي ، والطبراني عن سهل بن سعد ، والطبراني عن أنس ، والطبراني بسند جيد عن أبي جبيرة الأنصاري رضي الله تعالى عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «بعثت أنا والساعة جميعا كهاتين» وفي لفظ : «كهذه من هذه ، وجمع بين السبابة والوسطى ، وأشار بهما ، وإن كادت تسبقني» .

الثامن : في تشبيكه أصابعه صلى الله عليه وسلم .

روى البخاري عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» وشبك بين أصابعه .

روى الشيخان والبيهقي ، والبخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ، فصلى بنا ركعتين ، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد ، فاتكأ عليها كأنه غضبان ، ووضع يده اليمنى على اليسرى ، وشبك بين أصابعه .

وروى مسلم أيضا قال : شبك بيدي أبو القاسم ، وفي لفظ : أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : «خلق الله الأرض يوم السبت ، والجبال يوم الأحد ، والشجر يوم الاثنين والمكروه يوم الثلاثاء ، والنور يوم الأربعاء ، والدواب يوم الخميس ، وآدم يوم الجمعة» .

وروى البخاري في رواية حماد بن شاكر ، والبيهقي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما [ ص: 138 ] قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بفناء الكعبة محتبيا بيده هكذا ، زاد البيهقي وشبك بين أصابعه .

وروى أبو داود عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «كيف بكم وبزمان يغربل الناس فيه غربلة ، ويبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم ، واختلفوا ، وكانوا هكذا ؟ » وشبك بين أصابعه .

وروى البزار عن ثوبان رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كيف أنتم في قوم مرجت عهودهم وأيمانهم وأماناتهم وصاروا هكذا ؟ » وشبك بين أصابعه .

وروى الطبراني عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله تعالى عنه قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال : «كيف ترون إذا أخرجتم في زمان حثالة من الناس قد مرجت عهودهم ونذورهم ، فاشتبكوا فكانوا هكذا ؟ » وشبك بين أصابعه ، قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : «تأخذون ما تعرفون ، وتدعون ما تنكرون ، ويقبل أحدكم على خاصة نفسه ، ويذر أمر العامة» .

وروى الطبراني عن عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كيف أنت إذا كنت في حثالة من الناس ، واختلفوا حتى يكونوا هكذا ؟ » وشبك بين أصابعه ، قال : الله ورسوله أعلم ، قال : «خذ ما تعرف ودع ما تنكر» .

وروى الإمام الشافعي وأحمد وأبو داود والنسائي بسند صحيح على شرط مسلم عن جبير بن مطعم رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إنا نحن وبنو المطلب شيء واحد» وشبك بين أصابعه .

وروى البيهقي في الزهد عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كيف أنت إذا كنت في حثالة من الناس ؟ » وشبك بين أصابعه ، قلت : يا رسول الله ما تأمرني ؟ قال : «اصبر اصبر اصبر» ثلاثا «خالقوا الناس بأخلاقهم ، وخالفوهم في أعمالهم» .

وروى الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا دفن العبد الكافر يقول له القبر : لا مرحبا ولا أهلا ، ثم يلتئم عليه حتى تختلف أضلاعه» ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصابع يديه فشبكها .

وروى مسلم وأبو داود عن جابر رضي الله تعالى عنه جاء في حديث الحج قال : قام [ ص: 139 ] سراقة فقال : يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد ؟ قال : فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه في الأخرى ، وقال : «دخلت العمرة في الحج مرتين» .

وروى ابن عساكر عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أي المؤمنين أحلم ؟ » قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : «إذا اختلفوا» -وشبك بين أصابعه- «وأبرهم أبصرهم بالحق ، وإن كان في عمله تقصير ، وإن كان يزحف زحفا» .

التالي السابق


الخدمات العلمية