سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب الثالث في آدابه في المصافحة والمعانقة والتقبيل

وفيه أنواع :

الأول : في مصافحته .

روى الإمام أحمد عن أبي إسحاق قال : لقيت البراء بن عازب فسلم علي وأخذ بيدي وضحك في وجهي ، وقال : أتدري لم فعلت هذا بك ؟ قلت : لا أدري ، ولكن لا أراك فعلت إلا الخير ، قال : إنه لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل بي مثل الذي فعلت بك ، فسألني فقلت مثل الذي قلت لي ،

فقال : «ما من مسلمين يلتقيان فسلم أحدهما على صاحبه ويأخذ بيده لا يأخذ بيده إلا الله ، فلا يفترقان حتى يغفر لهما»
.

وروى النسائي عن حذيفة رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لقي الرجل من أصحابه مسحه ودعا له .

وروى الإمام أحمد عن رجل من عنزة أنه قال لأبي ذر حين سير من الشام : إني أريد أن أسألك عن حديث من حديث رسول الله قال أبو ذر : إذن أخبرك إلا أن يكون سرا ، قلت : إنه ليس بسر ، هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصافحكم إذا لقيتموه ؟ قال : ما لقيته قط إلا صافحني ، وبعث إلي يوما ولم أكن في البيت فلما جئت أخبرت برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتيته وهو على سرير ، فالتزمني فكأنه تلك أجوب أجود .

الثاني : في تقبيله وتقبيل يده ورجله .

روى ابن ماجه عن صفوان بن عسال أن قوما من اليهود قبلوا يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجليه .

وروى الإمام أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي .

وروى الإمام أحمد والشيخان وابن ماجه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : قدم ناس من الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : أتقبلون صبيانكم ؟ قالوا : نعم قالوا : لكنا والله ما نقبل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «ولذلك إن الله تعالى نزع منكم الرحمة» . [ ص: 151 ]

وروى الشيخان في الأدب عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : ما رأيت أحدا كان أشبه حديثا برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة كانت إذا دخلت عليه قام إليها ورحب بها وقبلها ، وأجلسها في مجلسه ، وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده ، ورحبت به ، وقبلته وأجلسته في مجلسها ، فدخلت عليه في مرضه الذي توفي فيه فرحب بها وقبلها .

وروى البخاري في الأدب وأبو يعلى وابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : كنا في غزاة فحاص الناس حيصة قلنا : كيف نلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد فررنا ؟ فنزلت : إلا متحرفا لقتال [الأنفال 16] فقلنا : لا نقدم المدينة ، فلا يرانا أحدا ، فقلنا : لو قدمنا فخرج النبي صلى الله عليه وسلم من صلاة الفجر

فقلنا : يا رسول الله نحن الفرارون ، قال : «أنتم العكارون» فقلنا : بلى قال : «أنا فئتكم»
.

وروى البخاري في الأدب عن الوازع بن عامر رضي الله تعالى عنه قال : قدمنا فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذنا بيديه ورجليه نقبلهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية