سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب الثاني في قيامه

وفيه نوعان :

الأول : فيما كان يفعله إذا قام وأراد العود .

روى أبو يعلى بسند ضعيف وأبو داود والطبراني عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال :

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس جلسنا حوله فأراد أن يعود ترك نعليه أو بعض ما يكون معه فيعرف بذلك أصحابه ، فيثبتون ، وأنه قام وترك نعليه فأخذت ركوة ماء فتتبعته فرجع ، ولم يقض حاجته ،

قلت : يا رسول الله ألم تكن لك حاجة ؟ قال : بلى ، ولكن أتاني آت من ربي عز وجل فقال : ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما [النساء- 110]- وقد كانت شقت عليهم الآية التي قبلها من يعمل سوءا يجز به -[النساء 123] فأردت أن أبشر أصحابي ، قال : قلت : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن زنا وإن سرق وإن زنا وإن سرق ، ثم استغفر غفر له ؟

قال : «نعم» ، قلت : يا رسول الله وإن زنا وإن سرق ثم استغفر غفر له ؟ قال : «نعم» ، ثم ثلثت قال :

«نعم على رغم أنف عويمر»
.

الثاني : فيما كان يقوله ويفعله إذا قام من المجلس .

وروى عبد الرزاق في الجامع عن أبي عثمان الفقير ، وابن أبي شيبة وأبو داود ، والنسائي والحاكم ، وابن مردويه عن أبي برزة الأسلمي ، وابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن رجل من الصحابة رضي الله تعالى عنهم ، والطبراني برجال ثقات عن رافع بن خديج ، وابن أبي شيبة عن أبي العالية ، قال أبو عثمان وأبو العالية : إن جبريل علم النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من مجلسه أن يقول

وقال أبو برزة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بأخرة إذا أراد أن يقوم من المجلس : «سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت ، أستغفرك ، وأتوب إليك»

زاد أبو برزة فقال رجل : يا رسول الله إنك تقول قولا ما كنت تقوله فيما مضى ؟ أكفارة لما يكون في المجلس ؟ زاد الرجل : كلمات علمنيهن جبريل كفارات لخطايا المجلس .


وروى محمد بن يحيى بن أبي عمر برجال ثقات وابن أبي الدنيا والنسائي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس مجلسا أو صلى تكلم بكلمات ، فسألته عن الكلمات فقال : «إن تكلم بخير كان طابعا عليهن إلى يوم القيامة ، وإن تكلم بشر كان كفارة له ، سبحانك اللهم وبحمدك ، لا إله إلا أنت ، أستغفرك ، وأتوب إليك» ،

وزاد الأخير : أن يقولها حين يقوم من مجلسه إلا غفر له ما كان منه في المجلس .
[ ص: 158 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية