سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
تنبيهات

الأول : الشك في عدد الغزوات في أكله صلى الله عليه وسلم الجراد من شعبة أحد رواة الحديث .

الثاني : قال التوربشتي والحافظ وغيرهما يحتمل أنه يريد بالمعية مجرد الغزوات دون ما يتبعه من أكل الجراد ، وقال التروبشتي : أي أكلوه وهم معه ، ويحتمل أنه يريد مع أكله ، ويدل له رواية أبي نعيم عن ابن أبي أوفى السابقة ، ورجح التروبشتي الأول لخلو أكثر الروايات عن هذه الزيادة ، ولما

رواه أبو داود عن سلمان رضي الله تعالى عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجراد ، فقال : لا آكله ولا أحرمه .

قال الحافظ والصواب أنه مرسل فإن قيل : كيف يترك الحديث الصحيح بمثل هذا الحديث ؟ قلنا : لم نتركه ، وإنما أولناه لما فيه من الاحتمال كي يوافق سائر الروايات ، ولا يرد الحديث الذي أوردناه- وهو من الواضح الكلي- بما فيه خفاء والتباس .

قال الطيبي : التأويل الأول بعيد لأن المعية تقتضي المشاركة في الفعل كما في قوله :

غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد صرح به صاحب الكشاف ، والرواية الخالية عنه مطلقة تحتمل الأمرين وهذه مقيدة تحمل على المقيد ، وحديث سلمان ضعفه البغوي ، ورواية من روى أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يأكل الجراد إخبار عن عدم الأكل بأنه لم يكن معه ، فلم يشاهد فيبقى الكلام في لفظة معه .

الثالث :

روى ابن عدي من طريق ثابت بن زهير عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الضب فقال : «لا آكله ولا أحرمه» ، وسئل عن الجراد فقال : مثل ذلك ،

قال الحافظ : هذا الحديث ليس بثابت ، لأن ثابتا قال فيه النسائي : إنه ليس بثقة .

الرابع : نقل النووي رحمه الله تعالى الإجماع على حل أكل الجراد ، لكن فصل ابن العربي في شرح الترمذي بين جراد الحجاز وبين جراد الأندلس ، فقال : في جراد الأندلس لا يؤكل لأنه ضرر محض .

قال الحافظ : إن ثبت أنه يضر آكله بأن يكون فيه سمة تخصه دون غيره من جراد البلاد تعين استثناؤه . [ ص: 193 ]

الخامس : ادعى ابن الجوزي أن حديث أكله صلى الله عليه وسلم الحجل موضوع ، ورد عليه الحافظ صلاح الدين العلاثي ، وقال : إن له طرقا كثيرة وغالبها واه ، ومنها ما فيه ضعف قريب ، وربما يقوي بعضها بعضا إلى أن تنتهي إلى درجة الحسن ، وقال : والحكم على الحديث بالوضع بعيد جدا ، وبسط الحكم على ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية