سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب التاسع في إزاره وملحفته وكسائه وردائه وبردته وخميصته وشملته

روى الحاكم عن أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ، وهو متكئ على أسامة بن زيد ، وعليه ثوب قطري قد توشح به ، فصلى بهم .

وروى البخاري عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ملحفة متغطيا بها على منكبيه ، وعليه عمامة دهماء .

وروى ابن عدي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ملحفة مصبوغة بورس ، كان يلبسها في بيته ، ويدور فيها على نسائه ، ويصلي فيها .

وروى أيضا عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ملحفة مورسة يدور بها بين نسائه ، فربما نضحت بالماء ليكون أزكى لريحها .

وروى أبو الحسن البلاذري عن بكر بن عبد الله المزني قال : كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ملحفة مصبوغة بورس وزعفران أو بزعفران ، فإذا كان يوم إحداهن ، يعني نساءه ذهب إليها ، ورش عليها الماء لتوجد رائحتها .

وروى أبو داود عن عكرمة رحمه الله تعالى قال : رأيت ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يأتزر فيضع حاشية إزاره من مقدمه على ظهره ، ويرفع مؤخره ، قلت : لم تأتزر هذه الإزرة ؟ قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتزرها .

وروى ابن سعد عن يزيد بن أبي حبيب رحمه الله تعالى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرخي الإزار من بين يديه ، ويرفعه من وراءه .

وروى أيضا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخى مقدم إزاره حتى تقع حاشيتاه ، ويرفع الإزار مما وراءه .

وروى أيضا بسند فيه مبهم عنه : قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتزر تحت سرته ، وتبدو سرته ، ورأيت عمر رضي الله تعالى عنه يأتزر فوق سرته .

وروى أيضا عن عثمان ، رضي الله تعالى عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتزر إلى أنصاف ساقيه .

وروى البزار عن عثمان رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتزر على نصف الساق .

وروى الشيخان وابن عساكر من طرق عن أبي برزة رضي الله تعالى عنه قال : أخرجت [ ص: 304 ] إلينا عائشة رضي الله تعالى عنها إزارا غليظا مما يصنع باليمن ، وكساء من هذه التي تدعى الملبدة فأقسمت لي لقبض النبي صلى الله عليه وسلم فيهما .

وروى أبو بكر بن أبي خيثمة عن شهر بن حوشب رحمه الله تعالى قال : جئت أم سلمة أعزيها بالحسين ، رضي الله تعالى عنه ، فحدثتنا أم سلمة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في بيتها فصنعت له فاطمة رضي الله تعالى عنها سخينة وجاءته بها فقال : «انطلقي فادعي ابن عمك ، وابنيك » ، فجاءته بهم ، فأكلوا معه من ذلك الطعام ، قالت : فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل كساء لنا خيبري كان تحته ، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال : «اللهم هؤلاء عترتي ، وأهل بيتي ، اللهم فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا » ، فقلت : يا رسول الله وأنا من أهلك ؟ قال : «وأنت إلى خير » .

وروى الحارث بن أبي أسامة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في كساء أبيض في غداة ، تارة يتقي بالكساء برد الأرض ليديه ورجليه .

وروى الترمذي عن الأشعث بن سليم قال : سمعت عمتي تحدثت عن عمها قال : بينا أن أمشي في المدينة إذا إنسان خلفي يقول : ارفع إزارك ، فإنه أنقى ، وأبقى فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، إنما هي بردة قال : «أما لك في أسوة ؟ » فنظرت ، فإذا إزاره إلى نصف ساقيه .

وروى الحاكم عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال : دخل جرير بن عبد الله البجلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أصحابه ، فظل كل رجل بمجلسه ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم رداءه ، فألقاه إليه ، فتلقاه بنحره ووجهه فقبله ، ووضعه على عينيه ، وقال : أكرمك الله يا رسول الله .

وروى ابن سعد عن داود بن الحصين عن شيخه ابن عبد الأشهل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد بني الأشهل ملتحفا بكساء ، فكان يضع يديه على الكساء يقيه برد الحصى إذا سجد .

وروى الشيخان وابن ماجه عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وعليه رداء نجراني غليظ الحاشية .

وروى ابن أبي شيبة ، والإمام أحمد - برجال ثقات - عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى عضلة ساقه من تحت إزاره .

وروى الحارث بن أبي أسامة عن أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه قال : «أتيت [ ص: 305 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو في ظل الكعبة متوسدا برداء له » ، الحديث .

وروى ابن عدي عن صفوان بن عسال رضي الله تعالى عنه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد متكئ على رداء له أحمر - الحديث .

وروى الحميدي عن خباب ، رضي الله تعالى عنه قال : « أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة » ، الحديث .

وروى ابن أبي خيثمة عن سليم بن جابر رضي الله تعالى عنه ، قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محتب في بردة له ، إن هدبها على قدميه .

وروى أبو داود عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلينا شعارنا ، وقد ألقينا فوقه كساء ، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الكساء فلبسه ، ثم خرج فصلى الغداة ، الحديث .

وروى أبو داود وأبو الشيخ - واللفظ له عن سليم بن جابر رضي الله تعالى عنه ، قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو جالس في أصحابه ، وإذا هو محتب ، ببردة قد وقع هدبها على قدميه .

وروى البخاري ، وأبو داود ، والنسائي ، وأبو بكر الإسماعيلي عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه قال : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببردة ، قال سهل : هل تدرون ما البردة ؟ قالوا : نعم ، هي الشملة ، منسوج في حاشيتها ، قالت : يا رسول الله إني نسجت هذه بيدي أكسوكها ، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها ، فخرج إلينا ، وإنها لإزاره ، فطلبها رجل من القوم فقال : «يا رسول الله أكسنيها » الحديث .

وروى أبو داود عن جابر رضي الله تعالى عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محتب بشملة ، قد وقع هدبها على قدميه .

وروى ابن أبي شيبة والنسائي عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس بردة سوداء ، فقالت عائشة : ما أحسنها عليك يا رسول الله ، يشرب بياضك سوادها ، ويشرب سوادها بياضك ، فبدت منها ريح الصوف فألقاها وكان يحب الريح الطيبة .

وروى الإمام مالك رحمه الله تعالى قالت : أهدى أبو جهم بن حذيفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم خميصة شامية لها علم ، فشهد فيها الصلاة ، فلما انصرف قال : «ردوا هذه الخميصة إلى أبي جهم ، فإني نظرت إلى علمها في الصلاة فكاد يفتنني » .

[ ص: 306 ] وروى البخاري عنها رضي الله تعالى عنها قالت : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خميصة لها أعلام ، فنظر إلى أعلامها نظرة ، فلما سلم قال : «اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم ، فإنها ألهتني عن صلاتي ، وائتوني بانجبانية أبي جهم » .

وروى البخاري عن ابن عباس وعائشة رضي الله تعالى عنهما ، قالا : لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حذيفة طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم كشفها عن وجهه .

وروى أيضا عن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « أنذرتكم النار ، حتى أن رجلا لو كان بالسوق لسمعه من مقامي له ، حتى وقعت خميصة له كانت على عاتقه » .

وروى أبو نعيم وابن عدي وابن الأعرابي من طريق الأحوص بن حكيم عن خالد بن معدان عن عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شملة أراد أن يتوشح بها فضاقت ، فعقدها في عنقه هكذا وأشار عبادة إلى قفاه ليس عليه غيرها .

وروى أبو الحسن بن الضحاك عن عبد الله بن الغسيل قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمر العباس رضي الله تعالى عنه فقال : يا عم اتبع بنيك ، فقال له الهيثم بن عتبة بن أبي لهب : يا عم انتظرني حتى أجيئك ، فلم يأتهم ، فانطلق بستة من بنيه : الفضل ، وعبد الله ، وعبيد الله ، وقثم ، وعبد الرحمن ، قال : فأدخلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وغطاهم بشملة له سوداء مخططة بحمرة ثم قال : «اللهم إن هؤلاء أهل بيتي ، وعترتي فاسترهم من النار كما سترتهم بهذه الشملة » ، فما بقي في البيت مدرة ولا باب إلا أمن .

وروى أبو داود عن جابر بن سليم الهجيمي رضي الله تعالى عنه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو محتب بشملة قد وقع هدبها على قدميه .

وروى ابن عساكر عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كان طول ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أذرع وشبرا في ذراع وشبر .

وروى عبد الله بن المبارك في الزهد عن عروة بن الزبير رضي الله تعالى عنه أن ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يخرج به للوفد - رداؤه ثوب حضرمي طوله أربعة أذرع ، وعرضه ذراعان وشبر ، وهو عند خلق بطنوه بثوب يلبسونه يوم الفطر والأضحى .

[ ص: 307 ] وروى أبو الحسن بن الضحاك عن أبي محمد عبد الله بن محمد بن القاسم بن حزم البغوي رحمه الله تعالى قال : رأيت بمعدموق وهو حصن قرب مدينة صور على الساحل سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة بردة للنبي صلى الله عليه وسلم وهي على صبي من ولد مبرور الأزدي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي ألوان مسمرة نظيفة ، ذكروا أن النجاشي كان أهداها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكساه إياها ، وقد تقطع بعضها ، وذكروا أن رجلا من الولاة أراد أخذها ، فأدخلت في مطمورة تحت الأرض ، فتقطعت ، وإلا كانت صحيحة ، وألوانها بحسنها ، ولا ندري من أي شيء هي إن كانت قطنا أو وبرا أو حريرا ، وما حقيقة الثوب .

التالي السابق


الخدمات العلمية