سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب الخامس في قصه صلى الله عليه وسلم شاربه ، وظفره ، وكذا أخذه من لحيته الشريفة صلى الله عليه وسلم إن صح الخبر ، وسيرته في شعر رأسه

روى الإمام أحمد والترمذي وحسنه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقص ، أو يأخذ شاربه ، ويقول : «إن إبراهيم صلى الله عليه وسلم كان يقص شاربه » .

وروى الطبراني بسند ضعيف عن أم عياش رضي الله تعالى عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحفي شاربه - أيضا بسند ضعيف عن عبد الله بن بشير رضي الله تعالى عنهما قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحف شاربه .

وروى ابن سعد عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحفي شاربه .

وروى أيضا عن عبد الرحمن بن زياد عن أشياخ لهم قالوا : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ الشارب من أطرافه .

وروى البيهقي عن أبي جعفر مرسلا قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب أن يأخذ أظفاره وشاربه يوم الجمعة .

وروى أيضا في الشعب عن أبي هريرة .

وروى ابن سعد عن عبد الله بن عبد الله قال : جاء مجوسي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعفى شاربه ، وأعفى لحيته ، فقال : «من أمرك بهذا ؟ » قال : أبي ، قال : لكن أبي أمرني أن أحف شاربي وأعفي لحيتي .

وروى أبو يعلى وابن عدي واللفظ له عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته ، من طولها وعرضها بالسوية ، ورواه الترمذي دون قوله بالسوية وقال : غريب وسمعت محمدا يقوله .

روى أبو الحسن [بن] الضحاك عن أبي رمثة رحمه الله تعالى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقص أظفاره وشاربه يوم الجمعة .

[ ص: 349 ] روى البزار والطبراني وابن قانع عن سهل بن مسرح الأشعري قال : رأيت أبي يقلم أظافره ، ويدفنها وقال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك .

وروى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « خمس من الفطرة الختان ، والاستحداد ، وقص الشارب ، وتقليم الأظافر ، ونتف الإبط » .

وروى البيهقي في شعب الإيمان - وصححه - من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : كان إبراهيم عليه السلام أول من اختتن ، وأول من رأى الشيب ، وأول من جز شاربه ، وأول من قلم أظافره وأول من استحد .

وروى مسلم عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : وقت لنا في قص الشارب ، وتقليم الأظافر ، ونتف الإبط ألا نترك أكثر من أربعين يوما .

وروى الإمام أحمد ، والشيخان ، والترمذي في الشمائل عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسدل شعره ، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم ، وكان أهل الكتاب يسدلون .

وروى الإمام أحمد برجال الصحيح عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : سدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته ما شاء الله أن يسدلها ، ثم فرق بعد .

وروى مسلم عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والحلاق يحلقه ، وأطاف به أصحابه ، فما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل .

قال رجل في زاد المعاد كان هديه صلى الله عليه وسلم تركه كله ، أو حلقه كله ، ولم يكن يحلق بعضه ، ولم يحفظ أنه صلى الله عليه وسلم حلق رأسه إلا في نسك انتهى .

فعلى هذا الخلاف فحلق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه الشريفة بعد الهجرة أربع مرات كما ذكره الحافظ أبو الخير السخاوي في فتاويه .

الأولى والثانية : في الحديبية ، وعمرة القضاء ، والمباشر لذلك منها خراش بن أمية بن ربيعة بن الفضل الخزاعي حليف بني مخزوم رضي الله تعالى عنه ، ذكر جماعة منهم أبو عمر [ ص: 350 ] ابن عبد البر ، والنووي : أن خراشا حلق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية .

وروى ابن السكن عنه قال : إنما حلقت رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المروة في عمرة القضاء .

الثالثة : في غزوة الجعرانة والمباشر لذلك - كما قال الحافظ أبو عبد الله الحاكم في الإكليل - أبو الهند الحجام مولى بني بياضة رضي الله تعالى عنه .

الرابعة : في حجة الوداع والمباشر لذلك معمر بن عبد الله بن فضلة - بفتح النون ، وسكون الضاد المعجمة - ابن نافع بن عوف - بالفاء - ابن عبيد بن جريج بن عدي القرشي العدوي رضي الله تعالى عنه .

وروى الإمام أحمد والطبراني عنه قال : لما نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم هديه من منى أمرني أن أحلقه ، فأخذت الموسى فقمت إلى رأسه ، فنظر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهي وقال لي : «يا معمر أمكنك رسول الله صلى الله عليه وسلم من شحمة أذنه وفي يدك الموسى » ، فقلت : أما والله يا رسول الله إن ذلك لمن نعمة الله تعالى علي ومنه قال : «إذا ترى ذلك » ، ثم حلقت رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت : قوله : «إذا ترى ذلك » بتنوين إذا كما في بعض نسخ المسند ، ومعناه أنك ترى ثمرة معرفتك أن هذه من الإكرام والإنعام ، وفي بعضها مصححا عليه : «إذا أقرد لك » بتنوين إذا وفتح همزة أقرد ، وسكون القاف ، وكسر الراء ، وبالدال المهملة : مضارع أقرد أي سكن ، ولك جار ومجرور ، والمعنى على هذه النسخة أسكن لك حتى تحلقني ، والله تعالى أعلم أي ذلك قيل .

وروى الشيخان عن أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلق رأسه ، وكان أبو طلحة أول من أخذ شعره ، ولفظ مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ناول الحلاق شقه الأيمن فحلقه ، ثم جاء أبو طلحة فأعطاه إياه ، ثم ناوله الشق الأيسر ، فقال : «احلق » فحلقه فأعطاه أبا طلحة ، فقال : «اقسمه بين الناس » .

التالي السابق


الخدمات العلمية