سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
تنبيهات

الأول : لا يعارض هذا بما رواه ابن أبي شيبة عن الحسن قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر لا يطلون فإن مراسيل الحسن تكلم فيها ، وكذا ما رواه البيهقي عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم تنور ، ورواه أبو داود في مراسيل عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتنور ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ، وكلاهما منقطع ، وروى البيهقي من طريق مسلم الملائي عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتنور ، فإذا كثر شعره حلقه قال ابن الجوزي والكلام فيه كالكلام في [ ص: 353 ] الخضاب يعني استعمل هذا مرة ، وهذا مرات ، واستعمل الحلق في أكثر أوقاته ، قال البيهقي :

أولا : مسلم الملائي ضعيف .

وثانيا : معارض بالأحاديث السابقة وهي أقوى منه سندا وأكثر عددا .

وثالثا : أن تلك مثبتة هنا قال : والقاعدة الأصولية عند التعارض تقديم المثبت على النافي .

ورابعا : أن التي روت الإثبات باشرت الواقعة .

وخامسا : وهي من أمهات المؤمنين ، وهي أجدر بهذه القضية ، فإنها مما تفعل في الخلوة غالبا لا بين أظهر الناس ، وكل هذا من وجوه الترجيحات فهذه خمسة أجوبة .

وسادسا : وهو أنه على حسب قتادة كان يتنور ، وتارة كان يحلق ولا ينور .

الثاني : روى الخرائطي في مساوئ الأخلاق عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : أيها الناس اتقوا الله ، ولا تكذبوا فوالله ما اطلى نبي قط ، قال ابن الأثير وصاحب القاموس وغيرهما من أئمة اللغة : إنه لما مال إلى هواه وأصله من ميل الطلى ، وهي الأعناق ، واحدهما طلاة يقال أطلى الرجل إطلاء إذا مالت عنقه إلى أحد الشقين انتهى .

وهذا الاختلاف فيه بين أئمة اللغة والغريب ، وفي هذا النوع أحاديث وآثار أعرضنا عنها لأجل الاختصار .

الثالث : قال الشيخ في فتاويه ، روى البخاري في تاريخه ، وابن عدي في الكامل ، والطبراني في الكبير ، والأوسط عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أول من صنعت له النورة ، ودخل الحمام ، سليمان بن داود عليه الصلاة والسلام » .

وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قصة بلقيس : قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها فإذا هي شعراء فقال سليمان ما يذهبه المواسي ، قال أثر المواسي قبيح ، فجعلت الشياطين النورة ، فهو أول من جعلت له النورة .

وروى سعد بن منصور وابن أبي شيبة عن عبد الله بن شداد وله طرق عن مجاهد وغيره .

وروى ابن أبي حاتم عن السدي في القصة أن الشياطين صنعوا له نورة من أصداف فطلوها فذهب الشعر .

التالي السابق


الخدمات العلمية