سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
[ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم

جماع أبواب سيرته صلى الله عليه وسلم في الطهارة للصلاة

الباب الأول في البئر التي توضأ أو اغتسل- صلى الله عليه وسلم- منها

وفيه أنواع :

الأول : في تطهره - صلى الله عليه وسلم- من بئر بضاعة .

وروى الشافعي ، أحمد والثلاثة ، وصححه أحمد ، وابن منيع ، وابن حزم ، والبغوي في شرح السنة ، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله تعالى عنه ، وقاسم بن أصبغ في مصنفه ، وصححه هو وابن القطان ، وصححه في مواضع أخر ، وصوبه عن سهل القطب الخيضري في جزء جمعه في بئر بضاعة عن سهل بن سعد - رضي الله عنهما- قالا : قيل لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- إنه يستسقى لك من بئر بضاعة ، ويلقى فيه لحوم الكلاب ، وخرق الحائض ، وعذر النساء ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم : «إن الماء طهور لا ينجسه شيء» . [ ص: 4 ]

وروى ابن ماجه ، عن أبي أمامة الباهلي- رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على طعمه وريحه ولونه» .

ورواه الدارقطني بلفظ : «إلا ما غير ريحه أو طعمه» .

قال الشافعي : هذا الحديث لا يثبت أهل الحديث مثله : ولكنه قول العامة لا أعلم بينهم خلافا .

قال أبو حاتم الرازي : الصحيح أنه مرسل على راشد بن سعد .

الثاني : في استعماله- صلى الله عليه وسلم- سؤر السباع .

روى الدارقطني بسند ضعيف ، فيه محمد بن علوان عن ابن عمر - رضي الله عنهما- قال : خرج علينا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره ، فسار ليلا ، فمروا على رجل جالس عند مقراة له ، فقال له عمر : [يا صاحب المقراة أولغت السباع عليك الليلة في مقراتك ؟ فقال له النبي- صلى الله عليه وسلم-] : «يا صاحب المقراة لا تخبره هذا متكلف ، لها ما حملت في بطونها ، ولنا ما بقي شراب وطهور» .

وروى الدارقطني عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال : سئل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن الحياض التي تكون بين مكة والمدينة ، وقيل له : إن السباع والكلاب ترد عليها ، فقال :

«لها ما أخذت في بطونها ، ولنا ما بقي شراب وطهور»
.

وروى البيهقي عن أبي سعيد الخدري - رضي الله تعالى عنه- قال : سئل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن الحياض التي تكون بين مكة والمدينة ، [وقالوا]- : تردها السباع [ ص: 5 ] والكلاب والحمر- وعن الطهارة بها ، فقال : «لها ما حملت في بطونها ولنا ما غبر» .

وروى الدارقطني - وضعفه- عن جابر رضي الله تعالى عنه قال : قيل : يا رسول الله ، أنتوضأ بما أفضلت الحمر ؟ قال : «نعم . وما أفضلت السباع» .

الثالث : في وضوئه- صلى الله عليه وسلم- بسؤر الهرة .

روى ابن ماجه عن عائشة - رضي الله تعالى عنه- قالت : «كنت أتوضأ أنا ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- من إناء واحد ، قد أصابت منه الهرة قبل ذلك» .

وروى الطبراني برجال ثقات ، والدارقطني عنها قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تمر به الهرة فيصغى له الإناء فيشرب منه ويتوضأ بفضله» ورواه الدارقطني بلفظ : تمر به فيصغي لها .

وروى أحمد وابن منيع والبخاري وأبو داود وابن ماجه عن عائشة ومسدد وأصحاب السنن وابن حبان عن أبي قتادة - رضي الله تعالى عنهما- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- توضأ من إناء شربت منه الهرة» وروى أبو داود والدارقطني عنها قالت : «ليست بنجسة وإنما هي من الطوافين عليكم ، وقد رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يتوضأ بفضلها : يعني الهرة» . [ ص: 6 ]

الرابع : في استعماله فضل طهور المرأة :

روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما قال : اغتسل بعض أزواج النبي- صلى الله عليه وسلم- من جنابة في جفنة ، فجاء رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ليتوضأ أو يغتسل ، فقالت : إني كنت جنبا ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «إن الماء لا يجنب» ، ورواه الإمام أحمد برجال ثقات ، وعنده لا ينجسه شيء .

وروى عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- أنها اغتسلت في قصعة ثم جاء رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فاغتسل فقالت : إني كنت جنبا فقال : «إن الماء لا يجنب» .

وروى الشيخان عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يغتسل من فضل ميمونة .

وروى الإمام أحمد ، وأبو داود ، وابن ماجه ، وأبو يعلى برجال ثقات عن أم صبية- خولة بنت قيس الجهنية- رضي الله تعالى عنها- قالت : «اختلفت يدي ويدي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في الوضوء من إناء واحد»

التالي السابق


الخدمات العلمية