سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
تنبيهات

الأول :

روى عبد الله ابن الإمام أحمد في زوائد المسند عن علي - رضي الله تعالى عنه- أنه قال : «من السنن في الصلاة ، وضع الكف تحت السرة ، في سنده أبو شيبة عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي ، قال فيه الإمام أحمد : منكر الحديث ، وقال ابن معين : متروك ، وقال في رواية هو والنسائي : ضعيف» .

وروى الإمام أحمد ، وأبو داود عن البراء بن عازب- رضي الله تعالى عنهما- قال :

«رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رفع يديه حين افتتح الصلاة ثم لم يرفعهما حتى انصرف .
قال أبو [ ص: 155 ] داود : هذا الحديث ليس بصحيح . انتهى ، وفي إسناده يزيد بن أبي زياد ، وطريق آخر فيه محمد بن أبي ليلى وكلاهما قد ضعف» .

وروى الدارقطني عن جرير عن حصين بن عبد الرحمن قال : دخلنا على إبراهيم فحدثه عمرو بن مرة ، قال : صلينا في مسجد الحضرميين ، فحدثني علقمة بن وائل عن أبيه : أنه رأى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يرفع يديه حين يفتتح الصلاة وإذا ركع وإذا سجد ، فقال إبراهيم : ما أرى أباك رأى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلا ذلك اليوم الواحد فحفظ ذلك ، وعبد الله لم يحفظ ذلك منه ، ثم قال إبراهيم : إنما رفع اليدين عند افتتاح الصلاة ، قال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة : هذه علة لا تساوي سماعها؛ لأن رفع اليدين قد صح عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثم عن الخلفاء الراشدين ، ثم عن الصحابة والتابعين ، وليس في نسيان عبد الله بن مسعود رفع اليدين ما يوجب أن هؤلاء الصحابة لم يروا النبي- صلى الله عليه وسلم- رفع يديه .

الثاني : قال الحافظ في الجمع بين تطويله القراءة في المغرب : إما لبيان الجواز ، وإما لعلمه بعدم المشقة على المؤمنين وليس في حديث جبير أن هذا تكرر منه .

الثالث : لا يخالف حديث أم الفضل بنت الحارث أن آخر صلاة صلاها بهم المغرب ، بما روته عائشة أن الصلاة التي صلاها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بأصحابه في مرض موته الظهر؛ لأن الصلاة التي حكتها عائشة كانت في المسجد ، والتي حكتها أم الفضل كانت في بيته ، كما رواه النسائي ، ولا يعكر عليه رواية إسحاق : خرج إلينا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو عاصب رأسه في مرضه فصلى المغرب ، لإمكان حمل قولها : خرج إلينا؛ أي من مكانه الذي كان راقدا فيه إلى من في البيت ، فصلى بهم .

الرابع : قال النووي في حديث البراء : إن ركوع النبي- صلى الله عليه وسلم- وسجوده وبين السجدتين ، وإذا رفع من الركوع قريبا من السواء ، هذا الحديث محمول على بعض الأحوال ، وإلا فقد ثبت في الحديث تطويل القيام ، فإنه كان يقرأ في الصبح بالستين إلى المائة ، وفي الظهر ب (الم) السجدة ، وأنه كانت تقام الصلاة ، فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يرجع إلى أهله فيتوضأ ، ثم يأتي المسجد فيدرك الركعة الأولى ، وأنه قرأ سورة المؤمنين حتى بلغ ذكر موسى وهارون ، وأنه قرأ في المغرب بالطور والمرسلات ، وفي البخاري بالأعراف ، وكل هذا [ ص: 156 ] يدل على أنه كانت له في إطالة القيام أحوال بحسب الأوقات ، وهذا الحديث الذي نحن فيه جرى في بعض الأوقات ، انتهى .

وقال ابن القيم : مراد البراء أن صلاته- صلى الله عليه وسلم- كانت معتدلة ، فكان إذا أطال القيام أطال الركوع والسجود وإذا خفف القيام خفف الركوع والسجود ، وتارة يجعل الركوع والسجود بعد القيام ، وهديه- صلى الله عليه وسلم- الغالب تعديله الصلاة وتناسبها .

الخامس : قال النووي فيما كان يقوله بعد رفعه من الركوع يبدأ- يعني المصلي- بقوله : سمع الله لمن حمده حين يشرع في الرفع من الركوع ، ويمده حتى ينتصب قياما ، ثم يشرع في ذكر الاعتدال ، وهو : ربنا لك الحمد إلى آخره وقال : في هذا الحديث دلالة الشافعي وطائفة أنه يستحب لكل مصل من إمام ومأموم ، ومنفرد أن يجمع بين سمع الله لمن حمده وربنا لك الحمد في حال استوائه وانتصابه في الاعتدال؛ لأنه ثبت أنه- صلى الله عليه وسلم- فعلهما جميعا .

وقد قال- صلى الله عليه وسلم- : صلوا كما رأيتموني أصلي ، ورواه البخاري .

وقال ابن القيم : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا استوى قائما ، قال : «ربنا ولك الحمد» ، وربما قال : «ربنا لك الحمد» ، وربما قال : «اللهم ربنا لك الحمد» .

وصح عنه ذلك كله ، وأما الجمع بين اللهم والواو فلم يصح انتهى ، وتعقب بما في صحيح البخاري في رواية الأصيلي عن أبي هريرة مرفوعا : إذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده ، قولوا : اللهم ربنا ولك الحمد ، جمع بين اللهم والواو .

السادس : حاصل ما ثبت عنه- صلى الله عليه وسلم- من المواضع التي كان يدعو فيها داخل الصلاة ثمانية مواطن .

الأول : عقب تكبيرة الإحرام ، كما في حديث أبي هريرة ، اللهم باعد بيني وبين خطاياي .

الثاني : في الاعتدال من الركوع .

الثالث : في الركوع .

الرابع : في السجود .

الخامس : ما بين السجدتين .

السادس : في التشهد .

السابع : في القنوت .

الثامن : إذا مر بآية رحمة أو عذاب .

التاسع : روى ابن ماجه عن سهل بن سعد - رضي الله تعالى عنه- : سلم تسليمة واحدة [ ص: 157 ] تلقاء وجهه ، في سنده عبد المهيمن بن عباس ، قال البخاري فيه : منكر الحديث ، وقال النسائي : متروك .

أيضا عن سلمة بن الأكوع- رضي الله تعالى عنه- قال : «رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى فسلم تسليمة واحدة ، في سنده يحيى بن راشد البصري ، قال ابن معين : ليس بشيء ، وقال النسائي : ضعيف» .

وروى أيضا ، والترمذي عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- قالت : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يسلم تسليمة واحدة ، تلقاء وجهه وتكلم عن سنده .

الثامن : قال النووي في قوله- صلى الله عليه وسلم- في التشهد : «السلام عليك أيها النبي ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله»

التالي السابق


الخدمات العلمية