سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الثالث : في سيرته- صلى الله عليه وسلم- في قضاء الفوائت .

وروى مسلم عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حين قفل من غزوة خيبر سار ليلة حتى إذا أدركه الكرى عرس ، وقال لبلال : «اكلأ لنا الليل» ، فصلى بلال ما قدر له ، ونام ونام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ، فلما تقارب الفجر استند بلال إلى راحلته مواجه الفجر ، فغلبت بلالا عيناه وهو مستند إلى راحلته فلم يستيقظ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولا بلال ، ولا أحد من أصحابه حتى ضربتهم الشمس ، فكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أولهم استيقاظا ، ففزع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : «أي بلال» فقال بلال : أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك ، بأبي أنت وأمي يا رسول الله قال : «اقتادوا» - وفي لفظ : «تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة» ، فاقتادوا رواحلهم شيئا ، ثم توضأ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأمر بلالا فأقام الصلاة ، فصلى بهم الصبح ، فلما قضى الصلاة قال : «من نسي الصلاة فليصلها إذا ذكرها ، فإن الله عز وجل قال : وأقم الصلاة لذكري [طه 14] .

وروى الإمام أحمد ، وأبو داود ، والنسائي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله تعالى عنه- «أقبلنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من الحديبية ليلا فنزلنا دهاسا من الأرض فقال : «من يكلأنا ؟ » قال بلال : أنا ، قال : «إذا تنم» قال : لا ، فنام حتى طلعت الشمس ، فاستيقظ ناس منهم فلان وفلان فيهم عمر ، قال : أهضبوا يعني تكلموا ، فاستيقظ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : «افعلوا كما كنتم تفعلون» ، فلما فعلوا ، قال : «هكذا فافعلوا لمن نام أو نسي» .

وروى الإمام أحمد عنه قال : «سرينا ليلة مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : فقلنا : يا رسول الله لو أمستنا الأرض ، فنمنا ورعت ركائبنا ، ففعل ، فقال : «ليحرسنا بعضكم» ، فقال عبد الله : فقلت : أنا أحرسكم ، قال : فأدركني النوم ، فنمت ، فلم أستيقظ إلا والشمس طالعة ، ولم يستيقظ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلا بكلامنا ، قال : فأمر بلالا ، فأذن ثم أقام الصلاة ، فصلى بنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم-» . [ ص: 161 ]

وروى الإمام أحمد عن ذي مخمر - رضي الله تعالى عنه- وكان رجلا من الحبشة ، يخدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : «كنا معه في سفر ، فأسرع السير حين انصرف ، وكان يفعل ذلك لقلة الزاد ، فقال له قائل : يا رسول الله ، لقد انقطع الناس وراءك ، فحبس وحبس الناس ، حتى تكاملوا إليه ، فقال لهم : «هل لكم أن نهجع هجعة ؟ » أو قال له قائل : فنزل ونزلوا ، وقال : «من يكلؤنا الليلة» ، فقلت : أنا ، جعلني الله فداك . فأعطاني خطام ناقته ، فقال : «هاك ، لا تكونن لكع» ، قال : فأخذت بخطام ناقة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وخطام ناقتي فتنحيت غير بعيد ، فخليت سبيلهما يرعيان ، فإني كذلك أنظر إليهما حتى أخذني النوم ، فلم أشعر بشيء حتى وجدت حر الشمس في وجهي ، فاستيقظت ، فنظرت يمينا وشمالا ، فإذا أنا بالراحلتين مني غير بعيد ، فأخذت بخطام ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وخطام ناقتي ، فأتيت أدنى القوم ، فأيقظته ، فقلت له : أصليتم ؟ قال : لا ، فأيقظ الناس بعضهم بعضا ، حتى استيقظ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وذكر الحديث» .

وروى الشيخان عن جابر - رضي الله تعالى عنه- «أن عمر جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس ، فجعل يسب كفار قريش ، وقال : يا رسول الله ، ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «والله ما صليتها» ، قال : فقمنا إلى بطحان ، فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها ، فصلى العصر بعد ما غربت الشمس ، ثم صلى بعدها المغرب» .

وروى الإمام أحمد وأبو داود عن عمرو بن أمية الضمري- رضي الله تعالى عنه .

وروى الإمام أحمد ، والنسائي ، عن جبير بن مطعم- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال في سفر له : «من يكلؤنا الليلة لا يرقد عن صلاة الصبح ؟ » قال بلال : أنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية