سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب الثاني عشر في آدابه- صلى الله عليه وسلم- بعد السلام

وفيه أنواع :

الأول : في جعله يمينه للناس ويساره للقبلة بعد السلام واستقبالهم حالة الدعاء .

روى مسلم ، وأبو داود ، عن البراء- رضي الله تعالى عنه- قال : «إذا صلينا خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أحببنا أن نكون عن يمينه ، فيقبل علينا بوجهه» .

وروى الإمام أحمد عن يزيد بن الأسود- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى الصبح في حجة الوداع ، ثم انحرف جالسا واستقبل الناس بوجهه ، فثار الناس يأخذون بيده ويمسحون بها وجوههم ، قال : فأخذت بيده فمسحت بها وجهي ، فوجدتها أبرد من الثلج ، وأطيب ريحا من المسك» .

وروى محمد بن يحيى بن أبي عمر وأبو يعلى وابن حبان عن يزيد بن الأسود السوائي قال : «حججنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حجة الوداع فصلى صلاة الصبح ، فانحرف فاستقبل الناس بوجهه- صلى الله عليه وسلم- فإذا هو برجلين من وراء الناس . . » الحديث . [ ص: 164 ]

وروى الشيخان عن سمرة بن جندب - رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا صلى صلاة الصبح أقبل علينا بوجهه» .

وروى الشيخان عن أنس - رضي الله تعالى عنه- قال : «أخر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الصلاة ذات ليلة إلى شطر الليل ، ثم خرج ، فلما صلى أقبل علينا بوجهه . . الحديث» .

وروى الشيخان عن زيد بن خالد الجهني - رضي الله تعالى عنه- قال : «صلى بنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلاة الصبح بالحديبية على أثر سماء كانت من الليل ، فلما انصرف أقبل على الناس . . » الحديث .

الثاني : في رفعه- صلى الله عليه وسلم- صوته بالذكر بعد الصلاة .

روى الإمام الشافعي ، والشيخان ، وأبو داود ، والنسائي ، عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال ابن عباس : كنت أعلم إذا انصرفوا بعد ذلك إذا سمعته ، وفي رواية : كنت أعرف انقضاء صلاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالتكبير .

ويأتي حديث عبد الله بن الزبير ، في رفعه- صلى الله عليه وسلم- صوته بالذكر في الباب الرابع عشر .

الثالث : في مكثه- صلى الله عليه وسلم- مكان صلاته حتى يذهب الناس وتطلع الشمس .

روى مسلم عن جابر بن سمرة - رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا صلى الفجر قعد حتى تطلع الشمس حسنا» .

وروى الإمام أحمد عن أبي أمامة- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : «لأن أقعد من حين تصلى الصبح إلى أن تشرق الشمس أحب إلي من عتق أربع رقاب ، ولأن أقعد من حين تصلى العصر إلى أن تغرب الشمس أحب إلي من عتق أربع رقاب» . [ ص: 165 ]

الرابع : في مقدار ما يقعد- صلى الله عليه وسلم- بعد السلام .

روى مسلم عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- قالت : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول : «اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، تباركت ذا الجلال والإكرام» .

والظاهر أن هذا القعود الذي كان عليه في الصلاة ، ثم يجعل يمينه للناس ويساره للقبلة جمعا بين الأحاديث فيحرر ذلك ، والله سبحانه وتعالى أعلم . [ ص: 166 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية