سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب السابع في قيامه- صلى الله عليه وسلم- الليل بآية يرددها وقضائه له إذا تركه

روى الإمام أحمد ، ومسدد ، وابن ماجه ، والنسائي ، والحاكم ، وصححه ، عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه- قال : قام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتى أصبح بآية يرددها والآية إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم يركع بها ويسجد فلما أصبح قلت : يا رسول الله ما زلت تقرأ هذه الآية حتى أصبحت ، تركع بها وتسجد بها ، قال : «إني سألت ربي عز وجل الشفاعة لأمتي فأعطانيها ، فهي نائلة إن شاء الله تعالى لمن لا يشرك بالله شيئا» .

وروى الإمام أحمد والبزار برجال ثقات عنه قال : «بينا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ليلة من الليالي يصلي بالقوم ، ثم تخلف أصحاب له يصلون فلما رأى قيامهم وتخلفهم انصرف إلى رحله ، فلما رأى القوم [قد] أخلوا مكانهم رجع إلى مكانه فصلى [فجئت] فقمت خلفه ، فأومأ إلي بيمينه ، فقمت عن يمينه ، ثم جاء ابن مسعود فقام خلفي وخلفه فأومأ إليه بشماله ، فقام عن شماله ، فقمنا ثلاثتنا يصلي كل رجل [منا] بنفسه ويتلو من القرآن ما شاء الله أن يتلو فقام بآية من القرآن يرددها حتى صلى الغداة ، فبعد أن أصبحنا أومأت إلى ابن مسعود : أن سله ما أراد [إلى ما] صنع البارحة فقال ابن مسعود [بيده] لا أسأله عن شيء حتى يحدث إلي فقلت : بأبي أنت وأمي قمت بآية من القرآن ومعك القرآن لو فعل ذلك بعضنا وجدنا عليه ؟ قال : «دعوت لأمتي» قال فماذا أجبت أو ماذا رد عليك ؟ ، قال «أجبت بالذي لو اطلع عليه كثير منهم طلعة تركوا الصلاة» قال : أفلا أبشر الناس ؟ قال «بلى» فانطلقت معنقا قريبا من قذفة بحجر فقال عمر ، يا رسول الله إنك إن تبعث إلى الناس بهذا اتكلوا عن العبادة فناداني ارجع : فرجع وتلك الآية إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم .

وروى الترمذي عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : قام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بآية من القرآن ليلة .

وروى الإمام أحمد- وفيه إسماعيل بن مسلم الناجي فيحرر حاله- عن أبي سعيد- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ردد آية حتى أصبح» . [ ص: 297 ]

وروى الإمام أحمد ، والترمذي ، والنسائي ، وأبو الحسن بن الضحاك ، عن خباب بن الأرت- رضي الله تعالى عنه- أنه قال : راقبت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في ليلة صلاها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كلها حتى كان مع الفجر سلم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من صلاته جاء خباب فقال : يا رسول الله بأبي أنت وأمي لقد صليت الليلة صلاة ما رأيتك صليت نحوها قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «أجل إنها صلاة رغبة ورهبة سألت ربي فيها ثلاث خصال ، فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة سألت ربي : أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم قبلنا فأعطانيها ، وسألت ربي أن لا يظهر علينا عدوا من غيرنا فأعطانيها ، وسألت ربي أن لا يلبسنا شيعا فمنعنيها» .

وروى أبو الحسن بن الضحاك عن أبي ذر- رضي الله تعالى عنه- قال : قام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ليلة من الليالي بقراءة آية واحدة الليل كله حتى أصبح ، بها يقوم وبها يركع ، وبها يسجد فقال القوم : يا أبا ذر أي آية هي ؟ قال : إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم .

وروى أبو الحسن بن الضحاك ، عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقوم الليل فيقرأ سورة «البقرة ، وآل عمران ، والنساء» ، لا يمر بآية فيها استبشار إلا دعا الله تعالى- ورغب ، ولا يمر بآية فيها تخويف إلا دعا الله تعالى واستعاذه» .

وروى أبو أحمد بن عدي ، عن أنس- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «كان إذا شغله عن صلاة الليل قوم أو وجع صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة» .

وروى مسلم عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا عمل عملا أثبته ، وكان إذا نام من الليل ، أو مرض صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة» . [ ص: 298 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية