سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
جماع أبواب سيرته- صلى الله عليه وسلم- في المرضى والمحتضرين [والموتى]

الباب الأول في سيرته- صلى الله عليه وسلم- في عيادة المريض

روى الإمام أحمد ، عن عبادة بن الصامت- رضي الله تعالى عنه- قال : أتاني رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأنا مريض في أناس من الأنصار يعودوني .

وروى أيضا عنه : أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عاد عبد الله بن رواحة ، قال : فما تحور له عن فراشه الحديث .

وروى أبو ليلى عن عثمان- رضي الله تعالى عنه- أنه كان يخطب ، فقال : «أما والله قد صحبنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في الحضر والسفر ، فكان يعود مرضانا ، ويشيع جنائزنا ويغدو معنا ويواسينا بالقليل والكثير» .

وروى مسلم ، عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال : كنا جلوسا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا جاء رجل من الأنصار فسلم عليه ، ثم أدبر الأنصاري . فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «يا أخا الأنصار . كيف أخي سعد بن عبادة ؟ » فقال : صالح ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «من يعوده منكم ؟ » فقام وقمنا معه ونحن بضعة عشر ، ما علينا نعال ولا خناف ولا قلانس ولا قمص نمشي في تلك السباخ حتى جئناه ، فاستأخر قومه من حوله حتى دنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الذين معه» .

وروى أبو داود عن حصين بن وحوح أن طلحة بن البراء مرض فأتاه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعوده فقال : «إني لا أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت فآذنوني به وعجلوا ، فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله» . [ ص: 350 ]

وروى البخاري ، في الأدب ، عن جابر- رضي الله تعالى عنه- قال : «دخل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على أم السائب وهي ترفرف ، فقال : ما لك ؟ فقالت : الحمى- أخزاها الله تعالى- فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «لا تسبيها فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد» .

وروى أبو داود ، عن أم العلاء ، عمة حزام بن حكيم الأنصاري- رضي الله تعالى عنهما- قالت : عادني رسول الله- صلى الله عليه وسلم- .

وروى الطبراني- برجال الصحيح- عن فاطمة الخزاعية رضي الله [تعالى] عنها- قالت : عاد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- امرأة من الأنصار وهي وجعة ، فقال لها : «كيف تجدينك ؟ » قالت بخير إلا أن أم ملدم قد برحت بي ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «اصبري فإنها تذهب خبث ابن آدم ، كما يذهب الكير خبث الحديد» .

وروى الإمام أحمد ، وأبو داود ، عن أسامة بن زيد- رضي الله تعالى عنهما- قال : دخلت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على عبد الله بن أبي نعوده في مرضه الذي مات فيه ، فلما دخل عليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عرف فيه الموت ، قال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «قد كنت أنهاك كثيرا عن حب يهود» فقال عبد الله : قد بغضهم أسعد بن زرارة فمات .

وروى الإمام أحمد ، والبخاري ، وأبو داود عن أنس- رضي الله تعالى عنه- أن غلاما من اليهود كان يخدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فمرض فأتاه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعوده فقعد عند رأسه فقال له : «أسلم» ، فنظر إلى أبيه وهو عنده ، فقال له : أطع أبا القاسم فأسلم ، فخرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو يقول : «الحمد لله الذي أنقذه من النار» .

وروى الطبراني ، عن سلمان- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عاد رجلا من الأنصار ، فلما دخل عليه ، ووضع يده على جبينه فقال : «كيف تجدك ؟ » فلم يحر إليه شيئا الحديث» .

وروى ابن ماجه ، عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- قال : عاد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- [ ص: 351 ] رجلا من أصحابه به وجع ، وأنا معه فقبض على يده فوضع يده على جبهته ، قال : وكان يرى ذلك من تمام عيادة المريض» .

وروى أبو الحسن بن الضحاك عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لا يعود مريضا إلا بعد ثلاث وروى أبو يعلى ، عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا فقد رجلا من أصحابه ثلاثة أيام سأل عنه فإن كان غائبا دعا له ، وإن كان شاهدا زاره ، وإن كان مريضا عاده» .

وروى البخاري ، وأبو داود ، عن جابر- رضي الله تعالى عنه- قال : جاءني رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعودني ليس براكب بغل ولا برذون» .

ورواه ابن ماجه ، ولفظه «عادني رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ماشيا وأبو بكر ، وأنا في بني سلمة» .

وروى الإمام مالك ، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف- رضي الله تعالى عنه- أن مسكينة مرضت فأخبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بمرضها ، قال وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعود المساكين ، ويسأل عنهم الحديث .

وروى الإمام أحمد ، والبخاري في الأدب ، وأبو داود ، عن زيد بن أرقم- رضي الله تعالى عنه- قال : أصابني رمد فعادني رسول الله- صلى الله عليه وسلم-» .

وروى الإمام أحمد ، عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال : دخلت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- نعود زيد بن أرقم ، وهو يشتكي عينيه- الحديث .

وروى عن أم سلمة- رضي الله تعالى عنها- فقال : كيف تجدك ؟ قال : صالحا أصلحها والله» .

وروى الإمام أحمد ، والترمذي ، عن أنس- رضي الله تعالى [عنه]- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- [ ص: 352 ] دخل على رجل يعوده وهو في الموت فسلم عليه ، فقال : «كيف تجدك ؟ » فقال : بخير أرجو الله تعالى ، وأخاف ذنوبي ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «لن يجتمعا في قلب رجل عند هذا الموطن إلا أعطاه الله تعالى رجاءه وأمنه مما يخاف» .

وروى البخاري في الأدب ، وابن حبان وأبو يعلى ، برجال الصحيح عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا عاد مريضا جلس عند رأسه ثم قال :

«سبع مرات : «أسأل الله العظيم ، رب العرش العظيم ، أن يشفيك» ، فإن كان في أجله تأخير عوفي من وجعه
.

وروى أبو يعلى برجال ثقات عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا عاد مريضا يضع يده على المكان الذي يألم ، ثم يقول : «باسم الله لا بأس» .

وروى الإمام أحمد ، وابن ماجه ، عن أبي هريرة- رضي الله [تعالى] عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عاد مريضا- ومعه أبو هريرة- ، من وعك كان به ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «أبشر إن الله تعالى يقول : ناري أسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا لتكون حظه من النار في الآخرة» .

وروى البيهقي ، وابن ماجه ، عن أنس- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- دخل على مريض يعوده فقال : «أتشتهي شيئا ؟ أتشتهي : كعكا ؟ » قال : نعم فطلبوه له» .

وروى ابن ماجه عن ابن عباس أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عاد رجلا فقال : «ما تشتهي ؟ » قال : أشتهي خبز بر ، قال النبي- صلى الله عليه وسلم- «من كان عنده خبز بر فليبعث إلى أخيه» ، ثم قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «إذا اشتهى مريض أحدكم شيئا فليطعمه» .

وروى الإمام إسحاق ، عن السائب بن يزيد- رضي الله تعالى عنه- قال اشتكيت شكوى فحملوني إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فبات يرقيني بالقرآن- وينفث علي به . [ ص: 353 ]

وروى الطبراني ، عن سلمان- رضي الله تعالى عنه- قال : دخل علي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعودني فلما أراد أن يخرج قال : «يا سلمان كشف الله ضرك ، وغفر ذنبك ، وعافاك في دينك وأجلك في أجلك» .

وروى الشيخان ، والحارث ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- دخل على أعرابي يعوده في مرضه وهو محموم ، وكان إذا دخل على مريض قال : «لا بأس . طهور إن شاء الله تعالى» ، فقال الأعرابي بل هي حمى تفور في جوف شيخ كبير حتى تزيره القبور ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «فنعم إذا» .

ورواه الإمام أحمد برجال ثقات عن أنس- رضي الله تعالى عنه- بلفظ كفارة وطهور» .

وروى مسدد ، عن عبد الرحمن بن عوف- رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا عاد مريضا يقول : «اللهم أذهب عنه ما يجد ، وأجره فيما ابتليته» .

وروى أبو يعلى عن عثمان- رضي الله تعالى عنه- قال : مرضت وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعودني فعوذني يوما فقال : «بسم الله الرحمن الرحيم . أعيذك بالله الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد من شر ما تجد» ، فلما استقل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قائما قال «يا عفان تعوذ بها ، فما تعوذتم بمثلها» .

وروى أبو يعلى ، والبزار بسند صحيح عن أنس- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عاد رجلا من الأنصار فقال : «يا خال قل : لا إله إلا الله» فقال خال أم عم ؟

قال : لا ، بل خال قال : وخير إلي أن أقولها قال : نعم»
.

التالي السابق


الخدمات العلمية