سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الثاني : في صلاته- صلى الله عليه وسلم- على القبر .

روى الإمام أحمد ، والدارقطني- شطره- : أن أسود كان ينظف المسجد فمات فدفن ليلا ، فأتي النبي- صلى الله عليه وسلم- فأخبر فقال : «انطلقوا إلى قبره» ، فانطلق إلى قبره ، فقال : «إن هذه القبور مملوءة على أهلها ظلمة ، وإن الله- عز وجل- ينورها بصلاتي عليهم» ، فأتى القبر فصلى عليه ، فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله إن أخي مات ولم تصل عليه قال فأتى قبره ، فانطلق مع الأنصاري فصلى» .

وروى الإمامان : مالك ، والشافعي ، والنسائي ، وابن أبي شيبة عن أبي أمامة : سهل بن حنيف- رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعود فقراء أهل المدينة ويشهد جنائزهم إذا ماتوا ، فاشتكت امرأة مسكينة فأخبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بمرضها وطال سقمها ، وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعود المساكين ويسأل عنهم ، فكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يسأل عنها ، وقال : «إن ماتت فلا تدفنوها حتى أصلي عليها» ، فتوفيت . فجاءوا بها إلى المدينة بعد العتمة فوجدوا رسول الله- قد نام ، فكرهوا أن يوقظوه ، فصلوا عليها ، ودفنوها ببقيع الغرقد ، فلما أصبح رسول الله- صلى الله عليه وسلم- جاءوا فسألهم عنها فقالوا : قد توفيت يا رسول الله قال : «ألم آمركم أن تؤذنوني بها ؟ » فقالوا يا رسول وجدناك نائما ، فكرهنا أن نوقظك ونخرجك ليلا ، فخرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى قبرها فصلى بهم على قبرها وكبر أربع تكبيرات» .

وروى الشيخان ، وابن حبان ، عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد ففقدها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فسأل عنها فقالوا : ماتت فقال : «أفلا آذنتموني ؟ » قال : فكأنهم صغروا أمرها ، فقال : «دلوني على قبرها» ، فدلوه فصلى على قبرها» . [ ص: 372 ]

وروى مسدد ، والحارث ، عن حميد بن هلال ، «رحمه الله تعالى» أن البراء بن معرور توفي قبل قدوم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- المدينة فلما قدم صلى على قبره وكبر عليه أربع تكبيرات .

وروى الإمام أحمد ، والنسائي ، وابن ماجه ، عن يزيد بن ثابت- زاد ابن ماجه ، وكان أكبر من زيد ثم اتفقوا- قال : خرجنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلما وردنا البقيع إذا هو بقبر جديد ، فسأل عنه ، فقالوا : فلانة ، فعرفها ، فقال «ألا آذنتموني بها ؟ فإن صلاتي عليها رحمة» قالوا : كنت قائلا صائما ، فكرهنا أن نؤذيك ، فقال : «لا تفعلوا لا يموتن فيكم ميت ما كنت بين أظهركم إلا آذنتموني به» ثم أتى القبر فصفنا خلفه» .

وروى الدارقطني عن ابن عباس «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى على قبر بعد شهر» .

وروى الترمذي مرسلا ، عن ابن المسيب ، رحمه الله تعالى «أن أم سعد- رضي الله تعالى عنها- ماتت والنبي- صلى الله عليه وسلم- غائب فلما قدم صلى عليها ، وقد مضى لذلك شهر» .

وروى الطبراني في «الأوسط» - قال الضياء المقدسي في «أحكامه» لا بأس بإسناده- عن أنس بن مالك- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله نهى أن يصلى على الجنازة بين القبور» .

التالي السابق


الخدمات العلمية