سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الثالث : في سيرته- صلى الله عليه وسلم- في صيامه يوم عاشوراء :

روى الأئمة : مالك ، والشافعي ، وأحمد ، والشيخان ، وأبو داود ، والترمذي وابن ماجه ، عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : «كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية ، وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصومه في الجاهلية- فلما قدم المدينة صامه ، وأمر بصيامه ، فلما فرض رمضان كان هو الفريضة ، وترك عاشوراء ، فمن شاء صامه ، ومن شاء تركه» .

وروى الإمامان : الشافعي ، وأحمد والشيخان ، وأبو داود ، وابن ماجه ، عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- «إن أهل الجاهلية كانوا يصومون عاشوراء وأن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صامه والمسلمون قبل أن ينزل فرض رمضان ، فلما افترض رمضان ، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «إن عاشوراء من أيام الله فمن شاء صامه ، ومن شاء تركه» .

وروى مسلم عن جابر بن سمرة- رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يأمرنا بصيام يوم عاشوراء ، ويحثنا عليه ، ويتعاهدنا عنده» فلما فرض رمضان لم يأمرنا ، ولم ينهنا ولم يتعاهدنا عنده .

وروى ابن أبي عاصم ، وابن منده ، عن رزينة خادم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رضي الله تعالى [ ص: 431 ] عنها- قالت : إن كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ليصومه- يعني عاشوراء ، ويأمرنا بصيامه ، حتى إن كان ليدعو بصبيانه وصبيان فاطمة المراضع في ذلك اليوم ، فيتفل في أفواههم ، ويقول لأمهاتهم : لا ترضعوهم إلى الليل وكان ريقه يجزئهم» .

وروى الإمام أحمد ، والشيخان ، وأبو داود ، وابن ماجه ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال : «قدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- المدينة فرأى اليهود تصوم عاشوراء ، فقال : «ما هذا اليوم ؟ » قالوا : يوم صالح نجى الله عز وجل فيه موسى وبني إسرائيل من عدوهم ، فصامه موسى شكرا ، فنحن نصومه ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «نحن أحق وأولى بموسى منكم» فصامه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأمر بصيامه» .

وروى الإمام أحمد ، عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- قال : «مر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بقوم من اليهود وقد صاموا يوم عاشوراء فقال : «ما هذا من الصوم ؟ » قالوا : هذا يوم نجى الله فيه موسى ، وبني إسرائيل من الغرق ، وأغرق فيه فرعون ، وهذا يوم استوت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح وموسى شكرا لله عز وجل ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «أنا أحق بموسى ونوح ، وأحق بصيام هذا اليوم ، فأمر أصحابه بالصوم» .

وروى الشيخان ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال : «ما رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم ، يوم عاشوراء- وهذا الشهر يعني شهر رمضان» .

وروى عبد الله ابن الإمام أحمد ، والبزار عن علي- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يصوم عاشوراء ويأمر به» .

وروى الطبراني ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لم يكن يتوخى فضل صوم يوم على يوم بعد رمضان إلا عاشوراء» .

وروى مسلم ، والبرقاني ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : «لئن بقيت» وفي لفظ «إن عشت- إن شاء الله- إلى قابل لأصومن التاسع» [ ص: 432 ] قاله مخافة أن يفوته عاشوراء ، وفي لفظ : «مخافة أن يفوتني» يعني : عاشوراء وأمر بصيامه ، فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم-» .

التالي السابق


الخدمات العلمية