سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر الاختلاف فيما أهل به- صلى الله عليه وسلم- :

اختلف في ذلك على أربعة أقوال :

الأول : الإفراد بالحج .

روى الإمامان : الشافعي وأحمد ، والشيخان والنسائي عن عائشة وأحمد ، ومسلم ، وابن ماجه ، والبيهقي عن جابر بن عبد الله ، وأحمد ، ومسلم ، والبزار ، عن عبد الله بن عمر ، ومسلم ، والدارقطني ، والبيهقي ، عن ابن عباس «أنه- صلى الله عليه وسلم- أهل بالحج مفردا» . الثاني : القرآن .

روى الإمام أحمد ، والبخاري ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه والبيهقي عن عمر بن الخطاب وأحمد عن عثمان وأحمد والبخاري ، وابن حبان ، عن علي ، وأحمد ، والنسائي ، والشيخان ، والبزار ، والبيهقي ، عن أنس ، والترمذي ، وابن ماجه ، والبزار ، والدارقطني ، والبيهقي ، عن جابر بن عبد الله ، والإمام أحمد ، وابن ماجه ، عن أبي طلحة : زيد بن سهل الأنصاري- رضي الله تعالى عنه- وأحمد ، عن سراقة بن مالك ، والإمامان : مالك ، وأحمد ، [ ص: 456 ] والترمذي وصححه ، والنسائي عن سعد بن أبي وقاص ، والطبراني ، عن عبد الله بن أبي أوفى والإمام أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه ، عن ابن عباس ، وأحمد ومسلم ، والنسائي ، والدارقطني ، عن الهرماس بن زياد ، وأبو يعلى ، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وأحمد ، والشيخان ، عن ابن عمرو ، وأحمد ، عن عمران بن حصين ، والدارقطني ، عن أبي قتادة ، والترمذي- وحسنه- عن جابر بن عبد الله ، وأحمد ، عن حفصة ، والشيخان ، والبيهقي ، عن عائشة- رضي الله تعالى عنهم- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان قارنا» .

الثالث : التمتع .

روى الإمام أحمد ، والشيخان ، وأبو داود ، والنسائي ، عن ابن عمر قال : تمتع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع بالعمرة ، إلى الحج ، وأهدى ، فساق الهدي من ذي الحليفة ، وبدأ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأهل بالعمرة ، ثم أهل بالحج . الحديث .

وروى الشيخان ، عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في تمتعه بالعمرة إلى الحج : وتمتع الناس معه .

وروى مسلم ، عن عمران بن حصين- رضي الله تعالى عنه- قال : «تمتع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وتمتعنا معه» .

وروى مسلم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال : «قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «هذه عمرة استمتعنا بها ، فمن لم يكن عنده الهدي فليحل الحل كله ، فإن العمرة قد دخلت في الحج إلى يوم القيامة» .

وروى البخاري ، عن حفصة- رضي الله تعالى عنها- أنها قالت يا رسول الله : ما شأن الناس حلوا بعمرة ؟ ولم تحلل أنت من عمرتك ؟ قال : «إني لبدت رأسي ، وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر» . [ ص: 457 ]

وروى الإمام أحمد ، والترمذي وحسنه ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال :

«تمتع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وأول من نهى عنه معاوية .

وروى الشيخان ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- عن معاوية- رضي الله تعالى عنه- قال : «قصرت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بمشقص» ، زاد مسلم ، فقلت : «لا أعلم هذه إلا حجة عليك» .

وروى النسائي ، عن عطاء ، عن معاوية قال : «أخذت من أطراف شعر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بمشقص كان معي ، بعد ما طاف بالبيت وبالصفا والمروة ، في أيام العشر» .

قال قيس بن سعد الراوي ، عن عطاء : «والناس ينكرون هذا على معاوية» .

وروى البخاري عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال : «اعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قبل أن يحج» .

الرابع : - الإطلاق .

روى الشيخان ، عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : خرجنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لا نذكر حجا ولا عمرة وفي لفظ «نلبي لا نذكر حجا ولا عمرة» ، وفي لفظ «خرجنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لا نرى إلا الحج . حتى إذا دنونا من مكة ، أمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من لم يكن معه هدي إذا طاف بين الصفا والمروة ، أن يحل» .

قال الإمام الشافعي- رحمه الله تعالى- أخبرنا سفيان ، أخبرنا ابن طاوس ، وإبراهيم بن ميسرة ، وهشام بن حجير سمعوا طاوسا يقول : «خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من المدينة لا يسمي حجا ولا عمرة ، ينتظر القضاء ، فنزل عليه القضاء بين الصفا والمروة ، فأمر أصحابه من كان منهم أهل ولم يكن معه هدي أن يجعلها عمرة . الحديث» ويأتي الكلام عليه في التنبيهات . [ ص: 458 ]

فهذه أربعة أقوال : «الإفراد ، والقران ، والتمتع ، والإطلاق ، ورجحا أنه- صلى الله عليه وسلم- كان قارنا ، ورجحه المحب الطبري ، والحافظ ، وغيرهم ، ويأتي تحقيقه بعد تمام القصة ، قال : أهل في مصلاه ، ثم ركب ناقته ، فأهل أيضا ، ثم أهل لما استقلت به على البيداء وكان يهل بالحج والعمرة تارة ، وبالعمرة تارة ، وبالحج تارة لأن العمرة جزء منه ، فمن ثم قيل : قرن . وقيل : تمتع ، وقيل : أفرد ، وكل ذلك وقع بعد صلاة الظهر ، خلافا لابن حزم ، وصاحب الاطلاع ، قال النووي ، والحافظ : وطريق الجمع بين الأحاديث وهو الصحيح : أنه- صلى الله عليه وسلم- كان أولا مفردا بالحج ، ثم أحرم بالعمرة بعد ذلك ، وأدخلها على الحج فصار : قارنا ، فمن روى الإفراد هو الأصل ، ومن روى القران اعتمد آخر الأمر ، ومن روى التمتع أراد التمتع اللغوي وهو الانتفاع والارتفاق .

التالي السابق


الخدمات العلمية