سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب الثالث في محبته- صلى الله عليه وسلم- لسماع القرآن من غيره :

روي عن أبي موسى أن النبي- صلى الله عليه وسلم- وعائشة مرا بأبي موسى . وهو يقرأ في بيته فقاما يسمعان لقراءته ، ثم إنهما مضيا فلما أصبح لقي أبا موسى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : «يا أبا موسى مررت البارحة ومعي عائشة ، وأنت تقرأ في بيتك ، فقمنا واستمعنا» ، فقال له أبو موسى يا رسول الله : لو علمت لحبرته تحبيرا .

وروى أيضا بسند حسن ، عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال : قعد أبو موسى في بيته واجتمع إليه ناس فأنشأ يقرأ عليهم القرآن قال : فأتى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رجل فقال : ألا أعجبك من أبي موسى أنه قعد في بيت واجتمع إليه ناس فأنشأ يقرأ عليهم القرآن فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «أتستطيع أن تقعدني من حيث لا يراني أحد منهم ؟ » قال : نعم . فخرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأقعده الرجل من حيث لا يراه منهم أحد ، فسمع قراءة أبي موسى ، فقال : «إنه يقرأ على مزمار من مزامير آل داود» .

وروى الشيخان عن ابن مسعود- رضي الله تعالى عنه- قال : قال لي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «اقرأ علي القرآن» . فقلت : يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال : «أحب أن أسمعه من غيري» ، فقرأت عليه سورة النساء حتى جئت إلى هذه الآية فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا قال : «حسبك الآن» . فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان . [ ص: 506 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية