سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
جماع أبواب أذكاره ودعواته- صلى الله عليه وسلم-

الباب الأول في آدابه- صلى الله عليه وسلم- في دعائه

وفيه أنواع :

الأول : في استفتاح دعائه- صلى الله عليه وسلم- بالثناء على الله تعالى .

روى ابن أبي شيبة ، عن سلمة بن الأكوع- رضي الله تعالى عنه- قال : «ما سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يستفتح دعاء إلا استفتحه بـ «سبحان ربي الأعلى العلي الوهاب» . ورجاله رجال الصحيح ، غير عمر بن راشد اليماني ، وثقه جماعة .

الثاني : في أنه- صلى الله عليه وسلم- كان لا يسجع في دعائه .

روى الإمام أحمد ، عن الشعبي- رحمه الله تعالى- أن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت له : اجتنب السجع من الدعاء ، فإن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه كانوا لا يفعلون» .

الثالث : في تكراره- صلى الله عليه وسلم- في دعائه ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة الآية .

روى أبو الحسن بن الضحاك ، عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- له دعاء بمائة مرة يفتح بها ويختم بها ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ولو دعا بدعوتين لجعلها إحداهما» .

وروى بقي بن مخلد عنه- قال : كان في أول دعاء رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وفي وسطه ، وفي آخره ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .

الرابع : في رفعه- صلى الله عليه وسلم- يديه في دعائه وكيفية رفعهما :

وروى الطيالسي ، عن جابر بن عبد الله- رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «لما أصابه الكرب يوم الأحزاب ألقى رداءه ، وقام متجردا ورفع يديه مدا ودعا» . [ ص: 509 ]

وروى مسدد برجال الصحيح ، عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- «أنها رأت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يدعو يرفع يديه» الحديث .

وروى أبو يعلى ، عن البراء- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا أصابته شدة ودعا رفع يديه في الدعاء حتى رئي بياض إبطيه .

وروى ابن أبي شيبة ، عن إبراهيم بن محمد ، قال : «أخبرني من رأى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عند أحجار الزيت يدعو هكذا ، ببياض كفيه» .

وروى الإمام أحمد- بسند حسن- عن خلاد بن السائب الأنصاري- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان إذا سأل جعل باطن كفيه إليه ، وإذا استعاذ جعل ظاهرهما إليه» .

وروى أيضا الإمام أحمد- برجال الصحيح- عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يرفع يديه ، يدعو حتى أني لأسأم له مما يرفعهما» .

وروى البزار ، والطبراني- برجال ثقات- وفيه إرسال عن أنس- رضي الله تعالى عنه- : «رفع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يديه بعرفة يدعو ، فقال أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- هذا الابتهال ، ثم حاصت الناقة ففتح إحدى يديه ، فأخذها وهو رافع الأخرى» .

وروى الطبراني عن خالد بن السائب ، عن أبيه- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان إذا دعا رفع راحتيه إلى وجهه .

وروى الطبراني- برجال ثقات- عن عبد الله بن الزبير- رضي الله تعالى عنهما- قال : لم يكن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يرفع يديه حتى يفرغ من صلاته .

وروى أبو داود ، عن أنس- رضي الله تعالى عنهما- قال : «رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يدعو هكذا بباطن كفيه وظاهرهما» . رواه ابن عدي بسند ضعيف ، وزاد : «والله- يدعو بظاهرهما» . [ ص: 510 ]

وروى الإمام أحمد ، وأبو الحسن بن الضحاك ، عنه ، قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا دعا رفع يديه حتى يرى بياض إبطيه» .

وروى القاضي أبو بكر الشافعي عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يرفع يديه يدعو لأسأم مما يرفعهما» .

وروى أبو الحسن بن الضحاك ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنه- قال : «رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بعرفة بالموقف ، ويده إلى صدره كاستطعام المسكين» .

وروى أيضا عن أبي سعيد- رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يدعو بعرفة هكذا ، ورفع علي بن الجعد يديه إلى السماء باطنهما إلى الأرض ، وظاهرهما إلى السماء» وروى ابن عدي- بسند ضعيف- عن عمر بن الخطاب- رضي الله تعالى عنه- قال : «رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يدعو هكذا وبسط سريج كفه اليسرى ، وقال بإصبعه اليمنى يحركهما ، وفي لفظ : يحركها بسبابته» .

وروى أبو بكر بن خيثمة ، عن عمارة- رضي الله تعالى عنه- قال : «رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يدعو على المنبر يشير بأصابعه» .

وروى مسلم ، والبرقاني ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، وحميد ، عن أنس- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- استسقى فمد يديه هكذا وأومأ بيده حيال ثندوتيه وفي لفظ : ثندوته ، وجعل بطونهما إلى الأرض ، حتى رأينا بياض إبطيه وهو على المنبر» .

الخامس : في مسحه بيديه بعد فراغه من الدعاء ، وتكريره الدعاء بنفسه إذا دعا ، وتأمينه على دعاء غيره :

روى أبو الحسن بن الضحاك ، عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال : «ما مد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يديه في دعاء فقبضهما إليه حتى يمسح بهما وجهه» .

وروى الإمام أحمد ، والبيهقي- بسند فيه ابن لهيعة- عن يزيد ابن أخت النمر الكندي : «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان إذا دعا رفع يديه ، ومسح وجهه بيديه» . [ ص: 511 ]

وروى الترمذي- وقال : غريب- عن عمر بن الخطاب- رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه» .

وروى الطبراني- برجال ثقات- وأبو داود ، عن ابن مسعود- رضي الله تعالى عنه- قال : كان أحب إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن يدعو ثلاثا ، ويستغفر ثلاثا» .

وروى البرقاني في «صحيحه» عنه ، قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا دعا دعا ثلاثا» .

وروى الطبراني- بسند حسن- عن أبي أيوب- رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا دعا بدأ بنفسه» .

وروى أبو الحسن بن الضحاك ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- وعن أبي بن كعب- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان إذا ذكر أحدا فدعا له بدأ بنفسه» . [ ص: 512 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية