سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الثاني : في رده صلى الله عليه وسلم من لم يستأذن أبويه

وروى أبو داود عن أبي سعيد بن مالك الخدري -رضي الله تعالى عنهما- أن رجلا هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن ، فقال : هل لك أحد ممن باليمن فقال : أبواي ؟ فقال : أذنا لك ؟ قال : لا ، قال : ارجع إليهما ، فاستأذنهما ، فإن أذنا لك فجاهد ، وإلا فبرهما .

وروى الإمام أحمد والنسائي عن معاوية بن جاهمة السلمي أن جاهمة جاء إلى رسول [ ص: 107 ] الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني أردت الغزو وجئتك أستشيرك ، فقال : هل لك من أم ؟ قال : نعم ، فقال : الزمها ، فإن الجنة تحت رجليها .

وروى البخاري والنسائي عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنهما- قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد ، فقال : أحي والداك ؟ قال : نعم ، فقال : ففيهما فجاهد .

وروى الطبراني عن عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنهما- قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أريد أن أبايعك على الجهاد ، فقال : أحي والداك ؟ قال : نعم ، قال : ففيهما فجاهد .

وروى الطبراني برجال الصحيح عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إذا كان الغزو على باب البيت فلا تذهب إلا بإذن أبويك» .

الثالث : في أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد الغزو إلى موضع ورى بغيره

وروى الشيخان عن كعب بن مالك -رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها ، حتى كانت غزوة تبوك فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد ، واستقبل سفرا بعيدا ومفازا ، واستقبل غزو عدو كثير ، فجلى للمسلمين أمر هذه ، ليتأهبوا أهبة غزوهم ، وأخبرهم بوجه الذي يريده .

ورواه ابن ماجه عنه بلفظ : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا ناحية ورى بغيرها .

الرابع : في آدابه صلى الله عليه وسلم إذا لم يغز بنفسه

روى الإمام أحمد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قالا : مشى معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بقيع الغرقد ، ثم وجههم ، ثم قال : انطلقوا على اسم الله ، ثم قال : اللهم أعنهم ، يعني النفر الذين وجههم إلى كعب بن الأشرف .

وروى الإمام أحمد والبيهقي عن سهل بن معاذ ، عن أبيه -رضي الله تعالى عنهما- أن [ ص: 108 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لأن أشيع غازيا ، فأكفه على رحله غدوة أو روحة أحب إلي من الدنيا وما فيها» .

وروى الإمام أحمد برجال ثقات والطبراني عن جبلة بن حارثة -رضي الله عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يغز أعطى سلاحه عليا وأسامة .

وروى الإمام أحمد والبزار وأبو يعلى والطبراني عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيوشه ، قال : «اخرجوا بسم الله ، تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله ، لا تغدروا لا تمثلوا ولا تغلوا ، ولا تقتلوا الولدان» . وفي لفظ : «وليدا ولا شيخا ولا أصحاب الصوامع» .

وروى البزار برجال ثقات عن ابن عمر -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عبد الرحمن بن عوف أن يتجهز لسرية أمره عليها ، فأصبح قد اعتم بعمامة كرابيس سوداء ، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نقضها فعمه ، فأرسل من خلفه أربع أصابع ، فقال : هكذا يا ابن عوف فاعتم ، فإنه أعرب وأحسن ، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا أن يدفع إليه اللواء ، ثم حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : اغزوا جميعا في سبيل الله ، فقاتلوا من كفر بالله ولا تغلوا ، ولا تغدروا ، ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا وليدا ، فهذا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم منتشر فيكم .

وروى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن حبان عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير الصحابة أربعة ، وخير السرايا أربعمائة ، وخير الجيوش أربعة آلاف ، ولن يغلب اثنا عشر من قلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية