سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
[ ص: 120 ] السادس عشر : في استنصاره صلى الله عليه وسلم ضعفة المسلمين عند القتال ودعائه وامتناعه من قتال المشركين معه ، واستعانته به وقتاله عن أهل الذمة

وروى الطبراني عن أبي طلحة -رضي الله تعالى عنه- قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة ، فلقي العدو فسمعته يقول : يا مالك يوم الدين ، إياك نعبد وإياك نستعين ، قال : فلقد رأيت الرجال تصرع تضربها الملائكة من بين أيديها ومن خلفها .

وروى الطبراني برجال الصحيح عن أمية بن خالد بن عبد الله بن أسيد -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستفتح بصعاليك المسلمين .

وروى الطبراني عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنما ينصر الله المسلمين بدعاء المستضعفين» ، وهو في الصحيح بلفظ : «إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم» .

وروى مسلم عن أبي الدرداء -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «ابغوني في ضعفائكم» .

وروى مسلم عن عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله تعالى عنهما- قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على الأحزاب ، «اللهم ، منزل الكتاب ، سريع الحساب ، اهزم الأحزاب ، اللهم اهزمهم وزلزلهم» .

وروى مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج قبل بدر ، فلما كان بحرة الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة ، ففرح أصحابه صلى الله عليه وسلم حين رأوه فلما أدركه ، قال صلى الله عليه وسلم : «لم جئت ؟ » فقال : جئت لأتبعك وأصيب معك ، فقال له صلى الله عليه وسلم : «تؤمن بالله ورسوله» ، قال : لا ، قال : «فارجع ، فلن أستعين بمشرك» ، ثم أدركه بالشجرة ، فقال له كما قال أول مرة ، فرجع ، ثم قال له في الثالثة : أتؤمن بالله ورسوله ، فقال : نعم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : فانطلق .

[ ص: 121 ] وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر : سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر [القمر : 45 ، 46] .

وروى ابن أبي شيبة وابن جرير عن البراء -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل يوم حنين ودعا واستنصر وهو يقول : «أنا النبي لا كذب ، أنا ابن عبد المطلب» ، وقال : «اللهم أنزل نصرك» .

وروى الإمام أحمد والترمذي وقال حسن غريب ، والنسائي في عمل اليوم والليلة عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لقي العدو ، قال : «اللهم ، أنت عضدي ، وأنت نصيري ، بك أقاتل» .

وروى الإمام أحمد والطبراني برجال ثقات عن خبيب بن يساف -رضي الله تعالى عنه- قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد غزوا لنا ورجل من قومي ، ولم نسلم ، فقلنا : إنا نستحي أن يشهد قومنا مشهدا لا نشهده معهم ، قال : أولو أسلمتما ، قلنا : لا ، قال إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين ، قال : فأسلمنا وشهدنا معه ، فقتلت رجلا ، وضربني ضربة ، فتزوجت بابنته ، فكانت تقول : لا عدمت رجلا وشحك هذا الوشاح ، فأقول : لا عدمت رجلا عجل أباك إلى النار .

وروى الطبراني عن أبي حميد الساعدي -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوم أحد حتى إذا جاوز ثنية الوداع فإذا هو بكتيبة خشنة فقال : من هؤلاء ؟ قالوا : عبد الله بن أبي في ستمائة من مواليه من اليهود من بني قينقاع ، فقال : وقد أسلموا ؟ قالوا : لا ، يا رسول الله ، قال : مروهم فليرجعوا ، فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين .

وروى أبو داود في مراسيله عن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعان بناس من اليهود في حربه فأسهم لهم .

روى البزار عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يقاتل عن أحد من أهل الشرك إلا أهل الذمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية