سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
السادس : في الظهار :

روى أبو داود والإمام أحمد عن خولة بنت ثعلبة ويقال : بنت مالك بن ثعلبة أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو زوجها وتقول : ظاهر مني زوجي أوس بن الصامت وجاءت للنبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول لها : اتقي الله فإنه ابن عمك فما برحت حتى نزل قوله تعالى : قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله [المجادلة : 1] الآية : فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ليعتق رقبة» قالت لا يجد ، قال : «فيصوم شهرين متتابعين» قالت : يا رسول الله إنه شيخ كبير ما به من صيام قال «فيطعم ستين مسكينا» قالت ما عنده من شيء يتصدق به قال فإني سأعينه بعرق من تمر ، قلت يا رسول الله وأنا سأعينه بعرق آخر قال : قد أحسنت فاذهبي فأطعمي ستين مسكينا وأرجعي ابن عمك ويروى في حديثها أنها قالت : إنه أكل شبابي وفرشت له بطني ، فلما كبر سني ظاهر مني ، ولي صبية صغار إن ضممتهم إليه ضاعوا ، وإن ضممتهم إلي جاعوا» .

وروى الأربعة والدارقطني عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- أن رجلا ظاهر من امرأته ثم واقعها قبل أن يكفر ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال «ما حملك على ما صنعت ؟ » قال : رأيت بياض ساقيها في القمر ، قال : «فاعتزلها حتى تكفر عنك» .

وروى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والبيهقي والدارقطني عن سلمة بن صخر البياضي- رضي الله تعالى عنه- قال : كنت رجلا قد أوتيت من جماع النساء ما لم يؤت غيري فلما دخل شهر رمضان خفت أن أصيب من امرأتي شيئا يتايع بي حتى أصبح ، فظاهرت منها حتى ينسلخ شهر رمضان ، فبينا هي تخدمني ذات ليلة إذ تكشف لي منها شيء فلم ألبث أن نزوت عليها فلما أصبحت خرجت إلى قومي فأخبرتهم الخبر ، وقلت : امشوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالوا : لا ، والله ، فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فقال : «أنت بذاك يا سلمة ؟ » [ ص: 191 ] قلت : أنا بذاك يا رسول الله ، مرتين ، وأنا صابر لأمر الله- عز وجل- فاحكم في بما أراك الله ، قال : «حرر رقبة» قلت : والذي بعثك بالحق ما أملك رقبة غيرها ، وضربت صفحة رقبتي قال : «فصم شهرين متتابعين» قال : وهل أصبت الذي أصبت إلا من الصيام ؟ قال : «فأطعم وسقا من تمر بين ستين مسكينا» قلت : والذي بعثك بالحق ، لقد بتنا وحشين ما لنا طعام ، قال : «فانطلق إلى صاحب صدقة بني زريق فليدفعها إليك ، فأطعم ستين مسكينا وسقا من تمر ، وكل أنت وعيالك بقيتها»

فرجعت إلى قومي فقلت : وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ووجدت عند النبي صلى الله عليه وسلم السعة وحسن الرأي وقد أمر بي أو أمرني بصدقتكم .


التالي السابق


الخدمات العلمية