سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الثاني في مسائل شتى عن ما بعث به صلى الله عليه وسلم وعن حدود الأحكام :

روى عبد الرزاق عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : والله ، ما جئتك حتى حلفت بعدد أصابعي هذه ألا أتبعك ، ولا أتبع دينك ، وإني أتيت أمرا لا أعقل شيئا إلا ما علمني الله ورسوله ، وإني أسألك بالله بما بعثك ربك إلينا ؟ فقال : اجلس ، ثم قال : للإسلام ، ثم بالإسلام ، فقلت : ما آية الإسلام ؟ فقال : تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسوله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة وتفارق الشرك ، وأن كل مسلم على مسلم محرم ، أخوان نصيران ، لا يقبل الله من مشرك أشرك بعد إسلامه عملا : إن ربي داعي وسائلي هل بلغت عباده ؟ فليبلغ شاهدكم غائبكم ، وإنكم تدعون مفدم على أفواههم بالفدام فأول ما ينبئ عن أحدكم فخذه وكفه قال : فقلت : يا رسول الله ، فهذا ديننا ؟ قال : نعم وأين ما تحسن يكفك ، وإنكم تحشرون وإنكم تحشرون على وجوهكم ، وعلى أقدامكم ، وركبانا .

وروى مسلم عن [ ص: 224 ] جابر- رضي الله تعالى عنه- قال : جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ما الموجبتان فقال «من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، ومن مات يشرك بالله دخل النار» .

وروى البخاري عن أبي أمامة أن رجلا قال : يا رسول الله ، ما المسلم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» .

وروى البيهقي في الشعب عن عمر- رضي الله تعالى عنه- قال : جاء رجل فقال : يا رسول الله ، ما المسلم ؟ وأي شيء أحب في الإسلام عند الله ؟ قال : الصلوات لوقتها ، ومن ترك الصلاة فلا ولي له ، والصلاة عماد الدين .

وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو - رضي الله تعالى عنهما- أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المسلمون خير ؟ فقال : «من سلم المسلمون من لسانه ويده» .

وروى الشيخان والنسائي وأبو داود وابن ماجه : أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المسلمين خير ؟ فقال : «من سلم المسلمون من لسانه ويده» ، أي الإسلام خير ؟ قال : «تطعم الطعام وتقرئ السلام على من عرفت ومن لم تعرف» .

وروى الإمام أحمد والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء وابن حبان عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال : قلت : يا رسول الله إني إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني فأنبئني عن كل شيء ، قال : كل نبي خلق من ماء ، قلت : أنبئني عن أمر إن عملت به دخلت الجنة ، قال : أفش السلام ، وأطعم الطعام ، وصل الأرحام ، وقم بالليل والناس نيام ، ثم ادخل الجنة بسلام .

وروى الشيخان عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أكرم ؟ قال : «أكرمهم عند الله أتقاهم» ، قال : ليس عن هذه نسألك ، قال : «فعن معادن [ ص: 225 ] العرب تسألون» قالوا : نعم ، قال : خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا .

وروى الإمام أحمد وابن حبان والطبراني والحاكم والبيهقي عن أبي أمامة - رضي الله تعالى عنه- أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإيمان قال : إذا سرتك حسنتك وساءتك سيئتك فأنت مؤمن ، قال : فالإثم ؟ قال : فالإثم ؟ قال : إذا حك في نفسك شيء فدعه .

وروى الإمام أحمد والدارمي عن وابصة بن معبد- رضي الله تعالى عنه- قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «جئت تسأل عن البر والإثم» ؟ قلت : نعم ، قال : «استفت قلبك» ، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب ، والإثم ما حاك في القلب وإن أفتاك الناس وأفتوك .

وروى البخاري عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بارز يوما للناس ، فأتاه جبريل ، فقال : ما الإيمان ؟ قال : «أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، وبلقائه ، ورسله ، وتؤمن بالبعث» ، قال : ما الإسلام ؟ قال : «أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة المفروضة ، وتصوم رمضان» ، قال : ما الإحسان ؟ قال : «أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه ، فإنه يراك» ، قال : ما الساعة ؟ قال : «ما المسؤول بأعلم من السائل ، وسأخبرك عن أشراطها ، إذا ولدت الأمة ربتها ، إذا تطاول رعاة الإبل البهم في البنيان ، في خمس لا يعلمهن إلا الله ، ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم إن الله عنده علم الساعة . . الآية ثم أدبر ، فقال : ردوه ، فلم يروا شيئا ، فقال : «هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم» .

وروى مسلم عن النواس- بنون مشددة فواو مشددة فألف فسين مهملة- ابن سمعان- رضي الله تعالى عنه- قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «البر حسن الخلق ، والإثم ما حاك في القلب والصدر ، وكرهت أن يطلع عليه الناس» .

وروى الشيخان عن معاذ بن جبل- رضي الله تعالى عنه- قال كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار فقال : يا معاذ ، هل تدري ما حق الله على عباده ، وما حق العباد على الله ؟

قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : فإن حق الله على العباد أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا ، وحق العباد على الله أن يغفر لمن لا يشرك به شيئا قلت : يا رسول الله ، أفلا أبشر الناس ؟ فقال : «لا تبشرهم فيتكلوا»
[ ص: 226 ]

وروى مسلم عن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه- قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوسوسة ، فقالوا إنا لنجد في أنفسنا شيئا ، لأن يكون لأحدنا مهمة أو يخر من السماء إلى الأرض أحب من أن يتكلم به ، فقال : ذاك محض الإيمان .

وروى الإمام أحمد وأبو داود عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني أحدث نفسي بالشيء ، لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الله أكبر ، الحمد لله ، الذي رد كيده إلى الوسوسة» .

وروى الإمام أحمد والشيخان عن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه- أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أنؤخذ بما عملنا في الجاهلية ؟ فقال : أما من حسن في الإسلام فلا يؤخذ بما عمل في الجاهلية ، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر .

وروى مسلم عن جابر- رضي الله تعالى عنه- قال : جاء سراقة بن مالك بن جشم ، فقال : يا رسول الله ، بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن فما العمل اليوم أفيما جفت به الأقلام ، وجرت به المقادير .

وروى الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب- رضي الله تعالى عنه- قال : قلت : يا رسول الله ، أنعمل على أمر قد فرغ منه أو على أمر لم يفرغ منه ؟ قال : بل على أمر قد فرغ منه ، فاعمل يا ابن الخطاب ، فكل ميسر ، فإن كان من أهل السعادة ، فإنه يعمل بالسعادة ، وإن كان من أهل الشقاء ، فإنه يعمل بالشقاء .

ورواه الشافعي ومسدد إلى قوله «فرغ منه» ورواه عبد الرزاق والبيهقي ، وزاد : فيم العمل ؟ قال : لا يقال إلا بالعمل قلت : أن يجتهد .

وروى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وسعيد بن منصور ، قال : قال رجل من مزينة أو جهينة : يا رسول الله ففيم نعمل في شيء قد خلا ومضى ، أو شيء مستأنف الآن ؟ قال : في شيء قد خلا ومضى ، فقال الرجل ، أو بعض القوم ؟ ففيم العمل ؟ قال : إن أهل الجنة ييسرون لعمل أهل الجنة ، وأهل النار ييسرون لعمل أهل النار [ ص: 227 ]

وروى الشيخان عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين ، فقال : الله أعلم بما كانوا عاملين .

وروى الإمام أحمد والترمذي عن معاذ- رضي الله تعالى عنه- قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فأصبحت يوما قريبا منه ، ونحن نسير ، فقلت : يا رسول الله : أخبرني عن عمل يدخلني الجنة قال النبي صلى الله عليه وسلم : تعبد الله ، ولا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة وتصل الرحم .

وروى الإمام أحمد عن عقبة بن عامر- رضي الله تعالى عنه- قال : لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فابتدأته ، فأخذت بيده ، فقلت : يا رسول الله ، أخبرني بما هو أفضل الإيمان ؟ قال : يا عقبة ، صل من قطعك ، وأعط من حرمك ، وأعرض عمن ظلمك .

وروى مسلم عن النعمان بن بشير- رضي الله تعالى عنه- قال : كنت عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال رجل : ما أبالي أن أعمل عملا بعد الإسلام إلا أن أسقي الحاج وقال آخر : ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد الإسلام إلا أن أعمر المسجد الحرام ، قال آخر : الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم ، فزجرهم عمر ، وقال : لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوم الجمعة ، ولكن إذا صليت الجمعة دخلت فاستفتيته فيما اختلفتم فيه . فأنزل الله- عز وجل- : أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر [التوبة : 19] .

وروى البخاري عن مالك بن أنس عن عمه سهيل عن أبيه ، أنه سمع طلحة بن عبيد الله يقول : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس ، يسمع دوي صوته ، ولا نفقه ما يقول حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خمس صلوات في اليوم والليلة فقال : هل علي غيرهن ؟ فقال : لا ، إلا أن تطوع ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وصيام رمضان ، قال : هل علي غيره ؟ قال : لا ، إلا أن تطوع ، قال : وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة ، قال : هل علي غيرها ؟ قال : لا ، إلا أن تطوع ، قال : فأدبر الرجل ، وهو يقول : والله لا أزيد على هذا ، ولا أنقص منه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أفلح إن صدق» [ ص: 228 ]

وروى ابن منده وابن عساكر عن ابن مرة أن مرة- رضي الله تعالى عنه- قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، شهدت أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله وأديت الخمس ، وأديت الزكاة ، وصمت رمضان وقمته ، فممن أنا ؟ قال : من الصديقين والشهداء .

وروى ابن أبي شيبة والإمام أحمد ونعيم بن حماد والطبراني في الكبير والحاكم وابن عساكر عن كرز بن علقمة الخزاعي ؟ قال : سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل للإسلام من منتهى ؟ قال : نعم أيما أهل بيت من العرب أو العجم أراد الله بهم خيرا أدخل عليهم الإسلام قال : ثم تقع الفتن كأنها الظلل ، قال : كلا والله إن شاء الله . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بلى ، والذي نفسي بيده ، ثم تعودون فيها أساود صبا يضرب بعضكم رقاب بعض فأفضل الناس يومئذ مقتول في شعب من الشعاب يتقي ربه تبارك وتعالى ويدع الناس من شره .

وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- أن رجلا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه ، فقال له : إن أردت أن يلين قلبك ، فأطعم المساكين ، وامسح رأس اليتيم .

وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن حبشي الخثعمي- رضي الله تعالى عنه- قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أفضل ؟ قال : «طول القيام» ، قال : فأي الصدقة أفضل ؟ قال «جهد المقل» .

وروى الإمام أحمد والشيخان عن عبد الله بن مسعود - رضي الله تعالى عنه- قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أحب إلى الله ؟ قال : «الصلاة لوقتها» ، قلت : ثم أي ؟ قال : «بر الوالدين» قلت : ثم أي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله ، حدثني بهن ولو استزدته لزادني .

وروى الإمام أحمد عن أبي ذر- رضي الله تعالى عنه- قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم من أين أتصدق وليس لي مال ؟ قال : إن من ثواب الصدقة التكبير والتسبيح ، وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ، وأستغفر الله .

وعن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- أن رجلا قال : يا رسول الله ، الرجل يعمل العمل ، فيستره ، فإذا اطلع عليه أعجبه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أجران أجر السر ، وأجر العلانية» . قال : [ ص: 229 ] فقد فسر بعض أهل العلم الحديث إذا اطلع عليه فأعجبه ، إنما معناه يعجبه ثناء الناس عليه بهذا .

وروى ابن ماجه عن كلثوم الخزاعي- رضي الله تعالى عنه- قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل ، فقال : يا رسول الله ، كيف لي أن أعلم إذا أحسنت ، وإذا أسأت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا قال جيرانك قد أحسنت ، فقد أحسنت ، وإذا قال جيرانك قد أسأت ، فقد أسأت» .

وروى الإمام أحمد عن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه- أن رجلا قال : يا رسول الله ، كيف لي أن أعلم إذا أحسنت ، وإذا أسأت ؟ قال : «إذا سمعتهم يقولون : قد أحسنت ، فقد أحسنت ، وإذا سمعتهم يقولون : قد أسأت ، فقد أسأت» .

التالي السابق


الخدمات العلمية