سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الثالث عشر : في بعض فتاويه صلى الله عليه وسلم في الكسب والمعاش

روى الإمام أحمد عن رافع بن خديج- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي الكسب أفضل ؟ قال : «عمل الرجل بيده ، وكل عمل مبرور» .

وروى البيهقي عن معاذ بن عبد الله بن حبيب عن أبيه عن عمه- رضي الله عنه- قال : كنا في مجلس فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وعلى رأسه أثر ماء وهو طيب النفس قال : فظننا أنه ألم بأهله ، فقلنا : يا رسول الله ، نراك أصبحت طيب النفس ، قال : «أجل ، والحمد لله» ، قال : ثم ذكر الغنى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا بأس بالغنى لمن اتقى ، والصحة لمن اتقى خير من الغنى ، وطيب النفس من النعيم» [ ص: 279 ]

وروى ابن ماجه عن جابر- رضي الله تعالى عنه- أن رجلا قال : يا رسول الله ، إن لي ولدا ومالا وإن أبي يريد أن يجتاح مالي قال : «أنت ومالك لأبيك» .

وروى الإمام أحمد وابن ماجه عن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال : أتى أعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن أبي يجتاح مالي ، فقال : «أنت ومالك لأبيك ، إن أطيب ما أكلتم من كسبكم ، وإن أموال أولادكم من كسبكم ، فكلوه هنيئا» .

وروى البزار والدارقطني في الأفراد عن عمر بن الخطاب- رضي الله تعالى عنه- أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن أبي يريد أن يأخذ مالي ، فقال : «أنت ومالك لأبيك» .

وروى أبو داود عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله تعالى عنه- أن امرأة جليلة كانت من نساء مضر ، فقالت : يا رسول الله ، أنأكل على آبائنا وأبنائنا وأزواجنا فما يحل لنا من أموالهم ؟ قال : «الرطب تأكلنه وتهدينه» .

وروى البخاري والدارقطني عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، مروا بماء فيهم لديغ- أو سليم- فعرض لهم رجل من أهل الماء ، فقال : هل فيكم من راق ؟ إن في الماء رجلا لديغا أو سليما ، فانطلق رجل منهم ، فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء فبرأ ، فجاء بالشاء إلى أصحابه ، فكرهوا ذلك ، وقالوا : أخذت على كتاب الله أجرا ، حتى قدموا المدينة فقالوا : يا رسول الله ، أخذ على كتاب الله أجرا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله» .

وروى الإمام أحمد وأبو داود والبيهقي عن عبادة بن الصامت- رضي الله تعالى عنه- قال : علمت ناسا من أهل الصفة الكتاب والقرآن ، وأهدى إلي رجل منهم قوسا فقلت : ليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله- عز وجل- لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأسألنه فأتيته فقلت : يا رسول الله ، رجل أهدى إلي قوسا ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن ، وليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله ، قال : «إن كنت تحب أن تطوق طوقا من نار فاقبلها» .

وروى ابن ماجه عن أبي بن كعب- رضي الله تعالى عنه- قال : علمت رجلا القرآن ، فأهدى إلي قوسا ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «إن أخذتها أخذت قوسا من نار» .

وروى الإمام أحمد عن البراء- رضي الله تعالى عنه- قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حكم أموال السلطان ، قال : آتاك الله تعالى منها من غير مسألة ولا إشراف نفس ، فكله وتموله .

وروى الإمامان الشافعي وأحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي عن محيصة بن مسعود الأنصاري- رضي الله تعالى عنه- أنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في إجارة الحجام فنهاه عنها فلم يزل يسأله ، ويستأذنه حتى أمره «أن اعلف ناضحك وأطعمه ورقيقك» [ ص: 280 ]

وروى الإمام أحمد عن جابر- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن كسب الحجام فقال : «اعلفه ناضحك» .

وروى الترمذي عن أبي سعيد- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إياكم والقسامة» قلنا : وما القسامة ؟ قال : «الشيء يكون بين الناس فيجيء فينقص منه» ، وفي رواية : ونحوه «الرجل يكون على الفئام من الناس فيأخذ من حظ هذا وحظ هذا» .

وروى البيهقي عن صفوان بن أمية- رضي الله تعالى عنه- قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه عرفطة فقال : يا رسول الله ، قد كنت على شقوة فما أراني أرزق إلا من دفي وكفي فأذن لي فيه قال أحله .

التالي السابق


الخدمات العلمية