سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الرابع عشر : في بعض فتاويه صلى الله عليه وسلم في البيوع والمعاملات ، وما يتعلق بها

روى الإمام أحمد عن جبير بن مطعم- رضي الله تعالى عنه- أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أي البقاع شر ؟ فقال : لا أدري فلما أتاه جبريل عليه السلام قال يا جبريل ، أي البلدان شر ؟ قال : لا أدري حتى أسأل ربي- عز وجل- فانطلق جبريل- عليه السلام- ثم مكث ما شاء الله أن يمكث ، ثم جاء فقال : يا محمد ، إنك سألتني أي البلدان شر ؟ فقلت : لا أدري ، وإني سألت ربي- عز وجل- أي البلدان شر ؟ فقال . أسواقها .

وروى الشيخان عن جابر- رضي الله تعالى عنه- قال : قيل : يا رسول الله ، أرأيت شحوم الميتة ، فإنه [ . . . . ] .

وروى أبو داود والطيالسي وعبد بن حميد والإمامان مالك وأحمد والشيخان وأبو داود والنسائي عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما- قال : سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله ، إني أخدع في البيع فقال له : «فقل من بايعت لا خلابة» .

وروى أبو داود والترمذي وصححه عن أنس- رضي الله تعالى عنه- أن أبا طلحة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرا ، فقال : أهرقها ، قال : أفلا أجعلها خلا ؟ قال : لا .

وروى الإمام أحمد والترمذي وحسنه عن أبي سعيد- رضي الله تعالى عنه- قال : كان عندنا خمر ليتيم ، فلما نزلت المائدة ، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلت : إنه ليتيم ، قال : «أهريقوه» .

وروى الإمام أحمد والترمذي وصححه عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال : كان عندنا خمر ليتيم قال : أهرقه [ ص: 281 ]

وروى أبو داود والترمذي عن أبي طلحة- رضي الله تعالى عنه- أنه قال : يا نبي الله ، إني اشتريت خمرا لأيتام في حجري قال : «أهرق الخمر واكسر الدنان» .

وروى الإمام أحمد والترمذي والثلاثة وحسنه عن حكيم بن حزام- رضي الله تعالى عنه- قال : قلت : يا رسول الله ، إن الرجل ليأتيني فيريد مني البيع ، وليس عندي ما يطلب ، فأبتاع له من السوق ؟ قال : «لا تبع ما ليس عندك» .

وروى الإمام أحمد والدارقطني عن حكيم بن حزام- رضي الله تعالى عنه- قال : ابتعت طعاما من طعام الصدقة ، وربحت فيه قبل ما قبضته ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله إني أبتاع هذه البيوع ، فما يحل لي منها ، وما يحرم علي منها ، قال : «يا ابن أخي لا تبيعن شيئا حتى تقبضه» .

وروى الشيخان عن جابر- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أن تباع الثمرة حتى تشقح قيل : وما تشقح ، قال : تحمار وتصفار ويؤكل منها .

وروى أبو داود عن امرأة يقال لها بهيسة عن أبيها- رضي الله تعالى عنه- قال : استأذن أبي النبي صلى الله عليه وسلم فدخل بينه وبين قميصه فجعل يقبل ويلتزم ، ثم قال : يا رسول الله ، حدثني بالشيء الذي لا يحل منعه قال : الماء ، قال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما الشيء الذي لا يحل منعه قال : «الملح» قال : يا نبي الله ، ما الشيء الذي لا يحل منعه ؟ قال : «أن تفعل الخير خير لك» .

وروي عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- قالت : يا رسول الله ، ما الشيء الذي لا يحل منعه ؟ قال : [الماء . . . ] .

وروى الإمام أحمد والترمذي عن أنس- رضي الله تعالى عنه- أن رجلا كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبتاع ، وكان في عقله ضعف فأتى أهله النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ، احجر عليه ، فدعاه نبي الله صلى الله عليه وسلم فنهاه ، فقال : يا رسول الله ، إني لا أصبر عن البيع ، فقال : إذا بايعت ، فقل : هاء وهاء ولا خلابة .

وروي عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- أنها قالت : إن رجلا ابتاع غلاما له . . . .

وروى البيهقي عن قيلة أم بني أنمار- رضي الله تعالى عنها- قالت : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض عمره ، فقالت : يا رسول الله ، إني امرأة أبيع وأشتري فربما أردت أن أشتري السلعة فأعطى بها أقل مما أريد أن آخذها به ثم زدت ثم زدت حتى آخذها بالذي أريد أن آخذها به ، ربما أردت أن أبيع السلعة فاستمت بها أكثر مما أريد أن أبيعها به ثم نقصت ثم [ ص: 282 ] نقصت حتى أبيعها بالذي أريد أن أبيعها به ، فقال لي رسول الله : «لا تفعلي هكذا يا قيلة ، ولكن إذا أردت أن تشتري شيئا فأعطي به الذي تريدين أن تبيعيه ، أعطيت أو منعت» .

وروي عن أبي سعيد- رضي الله تعالى عنه- قال : جاء بلال- رضي الله تعالى عنه- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمر برني فقال من أين هذا يا بلال ؟ فقال : كان عندنا تمر رديء ، فبعت صاعين بصاع فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك : «أوه عين الربا عين الربا لا تفعل ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر ثم اشتره» .

وروي عن أبي سعيد وأبي هريرة - رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا على خيبر ، فجاءهم بتمر جنيب فقال : أكل تمر خيبر هكذا ؟ قال : لا ، والله يا رسول الله ، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة ، فقال لا تفعل بع الجمع بالدراهم ، ثم ابتع بالدراهم جنيبا .

وروى مسلم وعبد الرزاق عن البراء بن عازب- رضي الله تعالى عنهما- وزيد بن أرقم قالا : كنا تاجرين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عن الصرف ، فقال : «إن كان يدا بيد فلا بأس ، وإن كان نسيئا فلا يصلح» وفي لفظ : فلا يصلح نسيئة ورواه البخاري بلفظ : سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصرف فقال : «إن كان يدا بيد فلا بأس» .

وروى مسلم عن فضالة بن عبيد- رضي الله تعالى عنه- قال : اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر دينارا ، فيها ذهب وخرز ، ففصلتها فوجدتها أكثر من اثني عشر ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : «لا تباع حتى تفضل» .

وروى الإمام أحمد عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لا تبيعوا الدينار بالدينارين ، ولا الدرهم بالدرهمين ولا الصاع بالصاعين ، فإني أخاف عليكم الرما ، والرما هو الربا» فقام إليه رجل فقال : يا رسول الله ، أرأيت الرجل يبيع الفرس بالأفراس والنجيبة بالإبل ؟ قال : «لا بأس إذا كان يدا بيد» .

وروى الإمام أحمد عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما- قال : كنت أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم فقال : لا تبيعوا الدينار بالدينارين ، والدرهم بالدرهمين .

وروى زيد بن عياش- رضي الله تعالى عنه- أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن البيضاء بالسلت فقال : أيتها أفضل ؟ قال : البيضاء ، قال : فنهاه عن ذلك وقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن شراء التمر بالرطب ، فقال عليه السلام : «أينقص الرطب إذا يبس ؟ » قال : نعم ، فنهاه عن ذلك .

وروى البيهقي عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما- أن رجلا أسلف في نخل قبل أن [ ص: 283 ] يطلع ؟ قال : لا ، قلت : لم ؟ فقال : لأن رجلا أسلم في حديقة نخل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يطلع النخل ، فلم تطلع النخل شيئا ذلك العام ، فقال المشتري : هو لي حتى يطلع ، وقال البائع ، إنما بعتك النخل هذه السنة ، فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للبائع : «أخذ من نخلك شيئا ؟ » قال : لا ، قال : «لم تستحل ماله ؟ اردد عليه ما أخذت منه ؟ ولا تسلموا في نخل حتى يبدو صلاحه» .

وروي عن محمد بن عبد الله بن جحش- رضي الله تعالى عنه- عن أبيه أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت إن جهدت بنفسي ومالي ، فماذا لي ؟ قال : الجنة ، فلما ولى قال : إلا الدين سارني به جبريل- عليه السلام- آنفا .

وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن جحش- رضي الله تعالى عنه- أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، ماذا لي إن قاتلت في سبيل الله حتى أقتل ؟ قال : الجنة ، فلما ولى قال : إلا الدين سارني به جبريل ، عليه السلام- آنفا .

وروى الإمام أحمد عن جابر بن عبد الله أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت إن جاهدت بنفسي ومالي فقتلت صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر أدخل الجنة ؟ قال : نعم ، فأعاد ذلك مرتين أو ثلاثا قال : نعم إن لم يكن عليك دين ليس عندك وفاؤه .

وروى الإمام أحمد عن أبي سعيد- رضي الله تعالى عنه- قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «أعوذ بالله من الكفر والدين» ، فقال رجل : يا رسول الله ، أيعدل الدين بالكفر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم .

وروى الإمام أحمد عن سلمة بن الأكوع- رضي الله تعالى عنه- قال : كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتي بجنازة فقالوا : يا نبي الله ، صل عليها ، قال : هل ترك شيئا ؟ قالوا : لا ، قال : هل ترك عليه دينا ؟ قالوا : ألا نصلي عليه ؟ ثم أتي بجنازة بعد ذلك ، فقال : هل ترك عليه من دين ؟ قالوا : لا ، قال : هل ترك من شيء ؟ قالوا : ثلاثة دنانير ، قال : ثلاث كيات ، قال : فأتى بالثالثة ، فقال : هل ترك عليه من دين ، قالوا : نعم قال : هل ترك من شيء ؟ قالوا : لا ، قال : صلوا على صاحبكم ، فقال رجل من الأنصار يقال له أبو قتادة : يا رسول الله ، علي دينه فصل عليه .

وروى الشيخان عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين فيسأل هل ترك لدينه فضلا ؟ فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه ، وإلا قال : صلوا على صاحبكم ، فلما فتح الله عليه الفتوح قال : أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم من توفي وعليه دين ، فعلي قضاؤه ومن ترك مالا فلورثته .

وروى البيهقي عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «رأيت ليلة أسري بي على باب الجنة مكتوبا : الصدقة بعشر أمثالها ، والقرض بثمانية عشر» [ ص: 284 ] قال البخاري : حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن سلمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : «كان لرجل على النبي صلى الله عليه وسلم سن من الإبل ، فجاءه يتقاضاه ، فقال صلى الله عليه وسلم : «أعطوه» . فطلبوا سنه فلم يجدوا إلا سنا فوقها ، فقال : «أعطوه» . فقال : أوفيتني أوفى الله بك . قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إن خياركم أحسنكم قضاء» .

وروى الإمام أحمد والنسائي عن العرباض بن سارية- رضي الله تعالى عنه- قال : بعت من النبي صلى الله عليه وسلم بكرا ، فأتيته أتقاضاه ، فقلت : يا رسول الله ، اقضني ثمن بكري ؟ فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ جملا قد أسن ، فقال : يا رسول الله ، هذا خير من بكري قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن خير القوم أحسنهم قضاء» .

وروى الإمام أحمد والبيهقي عن سعد بن الأطول أن أخاه مات وترك ثلاثمائة دينار وترك عيالا فأردت أن أنفق عليهم ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن أخاك محبوس بدينه ، فاذهب فاقض عنه» قال : فذهبت فقضيت عنه ثم جئت ، فقلت : يا رسول الله قد قضيت عنه ، ولم يبق إلا امرأة تدعي دينارين ، وليست لها بينة قال : «أعطها فإنها صدقة» .

وروى الإمام أحمد عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال : غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ، لو سعرت ، فقال : «إن الله هو الخالق القابض الباسط الرازق المسعر ، وإني لأرجو أن ألقى الله ، ولا يطلبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه في دم ولا مال» .

وروى الإمام أحمد وأبو داود والبيهقي عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- أن رجلا قال : يا رسول الله ، سعر ، فقال : «إن الله تعالى يسعر ويخفض ويرفع ، ولكن أرجو أن ألقى الله وليس لأحد عندي مظلمة» ، وفي لفظ : بل الله يخفض ويرفع وإني لأرجو أن ألقى ربي وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة بدم ولا مال .

وروى الإمام أحمد عن الشريد بن سويد- رضي الله تعالى عنه- أن رجلا قال : يا رسول الله ، أرض ليس لأحد فيها شراك ولا قسم ولا استئجار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الجار أحق بسقبه» .

وروى الإمام أحمد عن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه- قال : قلت : يا رسول الله ، أي الظلم أعظم ؟ قال : «ذراع من الأرض ينتقصه من حق أخيه ، فليست حصاة من الأرض أخذها إلا طوقها يوم القيامة ، إلى قعر الأرض ، ولا يعلم قعرها إلا الذي خلقها» [ ص: 285 ]

وروى أبو داود عن رجل من مزينة- رضي الله تعالى عنه- قال : صنعت امرأة من المسلمين لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما [ . . . . . ] .

وروى البخاري عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال : قالت : الأنصار- رضي الله تعالى عنهم- يا رسول الله ، أقسم بيننا ، وبين إخواننا النخيل ، قال : لا ، فقالوا : تكفوننا المئونة ونشرككم في الثمرة قالوا : سمعنا وأطعنا .

وروى الشيخان عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى أرض تهتز زرعا ، فقال : لمن هذه ؟ قالوا : اكتراها فلان ، فقال : «أما إنه لو منحها إياه كان خيرا له من أن يأخذ عليها أجرا معلوما» .

التالي السابق


الخدمات العلمية