سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
السابع عشر : في بعض فتاويه صلى الله عليه وسلم في العتق ، وما يتعلق به

روى ابن ماجه والبيهقي عن أبي ذر- رضي الله تعالى عنه- قال : قلت : يا رسول الله ، أي الرقاب أفضل ؟ قال : أنفسها عند أهلها وأغلاها ثمنا ، ولفظ الإمام أحمد والشيخان والنسائي وابن حبان : أفضل الأعمال إيمان بالله تعالى ، وجهاد في سبيل الله تعالى ، قيل : فأي الرقاب أفضل ؟ قال : أنفسها عند أهلها وأغلاها ثمنا قيل : فإن لم أجد ؟ قال : تعين صانعا أو تصنع لأخرق ، قال : فإن لم أستطع ؟ قال : كف أذاك عن الناس من الشر فإنها صدقة تصدق بها على نفسك .

قوله : أنفسها عند العلماء : النفيس الجيد من كل شيء المرغوب فيه وحقيقة الشيء الذي يتنافس فيه الناس . يعين صانعا أي ذو أتباع من فقر أو عيال ، والخرق ضد الرفق يقال : رجل أخرق إذا لم يتقن ما يحاول فعله والصانع بصاد مهملة فنون ، وهو المشهور وروي : ضائعا بالعجمة أي ذا ضياع من فقر وعيال ونحو ذلك .

وروى الشيخان عن أبي ذر- رضي الله تعالى عنه- قال : قلت : يا رسول الله ، أي الأعمال أفضل ؟ قال : إيمان بالله ، وجهاد في سبيل الله ، قلت : فأي الرقاب أفضل ؟ قال : أنفسها عند أهلها ، وأكثرها ثمنا قال : فإن لم أفعل ؟ قال : تعين صانعا ، أو تصنع لأخرق ، قال : قلت : يا رسول الله أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل ، قال : تكف أذاك عن الناس .

وروى الإمام أحمد عن البراء- رضي الله تعالى عنه- قال : جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، علمني عملا يدخلني الجنة ، فقال : لئن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة ، أعتق النسمة وفك الرقبة ، قال : يا رسول الله ، أوليستا بواحدة ؟ قال : «لا ، إن عتق النسمة تفرد بعتقها ، وفك الرقبة أن تعين على عتقها» .

وروى مسلم عن معاوية بن الحكم السلمي- رضي الله تعالى عنه- قال : بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم ، فقلت : يرحمك الله ، فرماني القوم بأبصارهم ، فقلت : واثكل أمياه ، ما شأنكم تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني ، لكني سكت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما نهرني ولا ضربني ، ولا شتمني ، قال : «إن هذه الصلاة لا [ ص: 289 ] يصلح فيها شيء من كلام الناس ، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن .

وروى الشيخان عن ميمونة- رضي الله تعالى عنها- أنها أعتقت وليدة ولم تستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه ، قالت : أشعرت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أعتقت وليدتي ؟ قال : أوفعلت ؟ قالت : نعم ، قال أما لو إنك أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك .

وروى الإمام أحمد وأبو داود عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما- قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، كم أعفو عن الخادم ؟ فصمت ، ثم أعاد عليه الكلام فصمت ، فلما كان في الثالثة قال : «اعف عنه في كل يوم سبعين مرة» .

وروى الإمام أحمد وأبو داود والبيهقي عن عمر- رضي الله تعالى عنهما- والبيهقي عن ميمونة بنت سعد مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم [ . . . . . . ] .

وروى الطبراني والإمام أحمد عن سعد بن عبادة- رضي الله تعالى عنه- أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن أمي ماتت وعليها نذر لم تقضه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اقضه عنها» .

وروى الإمام الشافعي والشيخان عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- أنها أرادت أن تشتري بريرة فتعتقها فقال أهلها : نبيعكها على أن ولاءها لنا ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «لا يمنعك ذلك ، فإنما الولاء لمن أعتق» .

التالي السابق


الخدمات العلمية