سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الحادي والعشرون : في بعض فتاويه صلى الله عليه وسلم في الأيمان والنذور .

روى الإمام أحمد والنسائي عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله تعالى عنه- قال : حلفت باللات والعزى فقال : أصحابي قد قلت هجرا ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال : قل : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، واتفل عن يسارك ثلاثا ، وتعوذ بالله من الشيطان ثم لا تعد .

وروى مسلم عن أبي أمامة إياس بن ثعلبة الحارثي - رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من اقتطع حق مسلم بيمينه ، حرم الله عليه الجنة ، وأوجب له النار ، قالوا : وإن كان شيئا يسيرا ، قال : وإن كان قضيبا من أراك .

وروى مسلم عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه قال : أعتم رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى أهله (فوجد الصبية قد ناموا ) فأتاه أهله بطعام فحلف لا يأكل من أجل الصبية ، ثم بدا له فأكل فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر ذلك له ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من حلف على يمين ، فرأى غيرها خيرا منها فليأتها ، وليكفر عن يمينه» .

وروى النسائي عن أبي الأحوص الجشمي عن أبيه مالك بن نضلة- رضي الله تعالى عنه- قال : قلت : يا رسول الله ، أرأيت ابن عم لي أتيته أسأله فلا يعطيني ولا يصلني ، ثم يحتاج [ ص: 305 ]

إلي فيأتيني ، فيسألني وقد حلفت أن لا أعطيه ، ولا أصله ؟ فأمرني أن آتي الذي هو خير ، وأكفر عن يميني .


وروى الإمام أحمد وأبو داود عن سويد بن حنظلة- رضي الله تعالى عنه- قال : خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا وائل بن حجر فأخذه عدو له فتحرج الناس أن يحلفوا ، وحلفت إنه أخي فخلى عنه ، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال : أنت كنت أبرهم وأصدقهم ، صدقت ، المسلم أخو المسلم .

وروى الإمام أحمد وأبو داود عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البينة ، فلم تكن له بينة ، فاستحلف المطلوب فحلف بالله تعالى الذي لا إله إلا هو ما فعلت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد فعلت ، لكن الله تعالى قد غفر لك بإخلاص قول لا إله إلا الله .

وروى البخاري عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه ؟ فقالوا : أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد ، ولا يستظل ولا يتكلم ، ويصوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه» .

وروى الشيخان عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما- قال : يا رسول الله ، إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف يوما أو قال : ليلة في المسجد الحرام قال : أوف بنذرك .

وروى ابن أبي شيبة عن عمر- رضي الله تعالى عنه- قال : نذرت نذرا في الجاهلية فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما أسلمت فأمرني أن أفي بنذري .

وروى الشيخان والإمام أحمد والنسائي عن عقبة بن عامر- رضي الله تعالى عنه- قال : نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله الحرام حافية غير معتمرة ، فأمرتني أن أستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيته ، فقال : مر أختك فلتركب ، ولتختمر ولتصم ثلاثة أيام .

وروى البغوي وضعفه والإسماعيلي وابن قانع وأبو نعيم عن بشير الثقفي- رضي الله تعالى عنه- قال : قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إني نذرت في الجاهلية نذرا أن لا آكل لحم الجزور ولا أشرب الخمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أما لحوم الإبل فكلها وأما الخمر فلا تشرب» .

وروى الإمام أحمد عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- أن أخت عقبة بن عامر- رضي الله تعالى عنه- نذرت أن تحج ماشية ، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم وقيل : إنها لا تطيق ذلك ، فقال : إن الله لغني عن مشي أختك ، فلتركب ولتهد بدنة .

وروى الإمام أحمد عن ابن عمرو- رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر [ ص: 306 ]

وهو يخطب إلى أعرابي قائم في الشمس ، قال : ما شأنك ؟ قال : قد نذرت يا رسول الله أن لا أزال في الشمس حتى تفرغ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس هذا بنذر ،
إنما النذر فيما ابتغي به وجه الله- عز وجل- .


وروي عن ابن عمرو أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك رجلين مقرنين يمشيان إلى البيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بال القران ؟ قالا : يا رسول الله ، نذرنا بأن نمشي إلى البيت مقترنين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هذا نذرا ، فقطع قرانهما ، قال سريج في حديثه : إنما النذر ما ابتغي به وجه الله- عز وجل- .

وروى البيهقي عن جابر- رضي الله تعالى عنه- أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أمي توفيت [ . . . . . ] .

وروى أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة قالت : يا رسول الله ، إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف ، قال : أوف بنذرك .

التالي السابق


الخدمات العلمية