سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الخامس والعشرون : في بعض فتاويه صلى الله عليه وسلم في الجهاد والغزو وما يتعلق بذلك .

روى البخاري عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- أن رجلا قال : يا رسول الله ، دلني على عمل يعدل الجهاد قال : لا أجده ، ثم قال : هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر وتصوم ولا تفطر ، فقال : ومن يستطيع ذلك ؟ قال : أبو هريرة ، إن فرس المجاهد ليستن في طوله ، فيكتب له حسنات .

وروى البخاري عن أبي ذر- رضي الله تعالى عنه- قال : قلت : يا رسول الله ، أي الجهاد أفضل ؟ قال : أن يجاهد الرجل نفسه وهواه .

وروى الشيخان عن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه- قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله تعالى ؟ قال : الصلاة على وقتها ، قلت : ثم أي ؟ قال : بر الوالدين ، قلت : ثم أي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله تعالى .

وروى الشيخان وأبو داود والترمذي وأبو سعيد- رضي الله تعالى عنه- قال : أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أي الناس أفضل ؟ قال : مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله قالوا : ثم من ؟ قال : مؤمن في شعب من الشعاب يتقي الله ويدع الناس من شره .

وروى أبو داود الطيالسي عن عمر بن الخطاب- رضي الله تعالى عنه- قال : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده قبص من الناس ، فقال : يا رسول الله ، أي الناس خير عند الله منزلة يوم القيامة بعد أنبيائه وأصفيائه ؟ قال : المجاهد في سبيل الله بنفسه وماله حتى يأتيه دعوة الله ، وهو على متن فرسه آخذا بعنانه فقال : ثم من ؟ قال : امرؤ بناحية أحسن عبادة الله تعالى ، وترك [ ص: 313 ] الناس من شره ، قال : يا رسول الله ، فأي الناس شر منزلة عند الله تعالى يوم القيامة ؟ قال : المشرك ، قال : ثم من ؟ قال : إمام جائر يحول عن الحق ، وقد بان له ، وحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم ألغين ، فقال اسألوني ولا تسألوني عن شيء إلا أنبأتكم به ، فقلت : رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبك نبيا وحسبنا ما أتانا فسري عنه .

روى الإمام أحمد عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس فذكر الإيمان بالله تعالى ، والجهاد في سبيل الله من أفضل عند الله قال : فقام رجل ، فقال : يا رسول الله ، أرأيت إن قتلت في سبيل الله مقبلا غير مدبر كفر الله عني خطاياي ؟ قال : نعم ، إلا الدين فإن جبريل سارني بذلك .

وروى النسائي عن أبي بن سعد- رضي الله تعالى عنه- عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا رسول الله ، ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد ؟ قال : كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة .

وروى الإمام أحمد عن نعيم بن همار وقيل : هباء وقيل غير ذلك- رضي الله تعالى عنه- أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الشهداء أفضل ؟ قال : الذين إن يلقوا في الصف يلفتوا وجوههم ، حتى يقتلوا ، أولئك ينطلقون في الغرف العلى من الجنة ويضحك إليهم ربهم ، وإذا ضحك ربك إلى عبد في الدنيا فلا حساب عليه .

وروى الشيخان وأبو داود والنسائي عن أبي موسى- رضي الله تعالى عنه- قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ، ويقاتل حمية ، ويقاتل رياء أي ذلك في سبيل الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قاتل لتكون كلمة الله تعالى هي العليا ، فهو في سبيل الله .

وروى أبو داود عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- أن رجلا قال : يا رسول الله رجل يريد الجهاد في سبيل الله تعالى ، وهو يبتغي عرضا من عرض الدنيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا أجر له» فأعظم ذلك الناس ، وقالوا للرجل : عد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلعلك لم تفهمه فقال : يا رسول الله ، رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي عرضا من عرض الدنيا قال : «لا أجر له» فقال للرجل : عد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له الثالثة فقال له : «لا أجر له» .

وروى النسائي عن أبي أمامة - رضي الله تعالى عنه- قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ما له ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شيء له ، فأعادها ثلاث مرات ، يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا شيء له ، ثم قال : إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا ، وابتغي به وجهه . [ ص: 314 ]

وروى الإمام أحمد عن أم سلمة- رضي الله تعالى عنها- قالت : قلت : يا رسول الله تغزو الرجال ولا تغزو النساء ، وإنما لنا نصف الميزان ، فأنزل الله تعالى : ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض [النساء : 32] .

وروى مسلم عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما تعدون الشهيد فيكم ؟ قالوا : يا رسول الله ، من قتل في سبيل الله فهو شهيد .

قال : «إن شهداء أمتي إذا لقليل» قالوا : فمن هم ؟ يا رسول الله ، قال : «من قتل في سبيل الله فهو شهيد ، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد ،
ومن مات في الطاعون فهو شهيد ، ومن مات في البطن فهو شهيد» .

قال ابن مقسم : أشهد على أبيك في هذا الحديث ، أنه قال : «والغريق شهيد» .


التالي السابق


الخدمات العلمية