سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
تنبيهات

الأول : قوله صلى الله عليه وسلم فيمن سره أن يطلع على عمله له أجران أجر لسر وأجر لعلانية قال الترمذي : قد فسر بعض أهل العلم هذا الحديث ، إذا اطلع عليه ، وأعجبه إنما معناه يعجبه ثناء الناس عليه بالخير ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنتم شهداء الله تعالى في الأرض» فيعجبه ثناء الناس عليه بهذا ، فأما إذا أعجبه ليعلم الناس منه الخير فيكرم ويعظم على ذلك فهو رياء .

وقال بعض أهل العلم : إذا اطلع عليه فأعجبه رجاء أن يعمل به من الخير ، فيكون له مثل أجورهم ، فهذا له مذهب أيضا . انتهى .

الثاني : قوله صلى الله عليه وسلم فيمن جامع ولم ينزل «يغسل ما مس المرأة منه ثم يتوضأ» قال العلماء رحمهم الله تعالى أنه منسوخ بحديث التقاء الختانين .

الثالث : قول الرجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم «أصبت حدا» قال النووي- رحمه الله تعالى [ ص: 340 ]

معناه معصية توجب التعزير وليس المراد الحد الشرعي الحقيقي كحد الزنا والخمر وغيرهما ، فإن هذه الحدود لا تسقط بالصلاة ، ولا يجوز للإمام تركها .

الرابع : الرقوب براء مفتوحة فقاف فواو موحدة قال أبو عبيد : معناه في كلامهم إنما هو على فقد الأولاد في الدنيا فجعل الله تعالى فقدهم في الآخرة فكأنه حول الموضع إلى غيره .

قال في النهاية : هو الرجل والمرأة ، إذا لم يعش لهما ولد ، لأنه يرقب موته ويرصده خوفا عليه فنقله صلى الله عليه وسلم إلى الذي لم يقدم من الولد شيئا : أي يموت قبله ، تعريفا أن الأجر والثواب لمن قدم شيئا من الأولاد ، وأن الاعتداد به أكثر والنفع به أعظم ، وأن فقدهم وإن كان في الدنيا عظيما ، فإن فقد الأجر والثواب على الصبر والتسليم للقضاء في الآخرة أعظم ، وأن المسلم ولده في الحقيقة من قدمه ، واحتسبه ، ومن لم يرزق ذلك فهو كالذي لا ولد له ، ولم يقله صلى الله عليه وسلم إبطالا لتفسيره اللغوي كما قال : إنما المحروب من حرب دينه . ومثله كما قال الحافظ الدمياطي رحمه الله تعالى : «ما تعدون المفلس ؟ قالوا : الذي لا درهم له ولا متاع ، قال : المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة ، ويأتي وقد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأخذ مال هذا» .

وهذا ومن الألفاظ التي نقلها عن وضعها اللغوي لضرب من التوسع والمجاز .

والعائل : الفقير ، فنقله صلى الله عليه وسلم أيضا .

الخامس : أمره صلى الله عليه وسلم بالقيام للجنازة منسوخ بما تقدم في جماع أبواب سيرته صلى الله عليه وسلم في المريض والمحتضرين .

السادس : قوله صلى الله عليه وسلم في قل هو الله أحد [الإخلاص : 1] إنها تعدل ثلث القرآن قال بعض أهل العلم رحمهم الله تعالى : إن القرآن ثلاثة أقسام : قسم توحيد الله تعالى ومعرفة صفاته ، وقسم قصص الماضين ، وقسم تشريع وأحكام ، فهي قسم التوحيد وليس فيها قصص ولا تشريع ، فصارت تعدل ثلث القرآن .

السابع : قوله صلى الله عليه وسلم في المعتدة ترمي بالبعرة إلى آخره «كانت المرأة المتوفى عنها زوجها في الجاهلية تدخل بيتا مظلما ضيقا ، وتلبس شر ثياب ولا تمس طيبا حتى يمر عليها سنة ، ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها ، ثم ترجع بعدها فتضع من طيب أو غيره» .

الثامن : في قوله صلى الله عليه وسلم فيمن قتل : من قال لا إله إلا الله بعدما أسلم فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله ، وأنت بمنزلته ، قبل أن يقول كلمته التي قال ، أي في إباحة الدم ، لأن الكافر قبل أن يسلم مباح الدم فإذا أسلم فقتله أحد فإن قاتله مباح الدم بحق القصاص فكأنه بمنزلته في الكفر . [ ص: 341 ]

التاسع : في قوله «يعجبه الفأل» هو مثل أن يكون مريضا ، فيسمع آخر يقول : يا سالم أو يكون طالب ضالة ، فيسمع من يقول : يا واجد ، فيستبشر بذلك الكلام ، فالفأل يرجي الخير ، والطيرة ترجي الشر ووقوعه .

العاشر : قال بعض العلماء رحمهم الله تعالى في الجمع بين حديثي سهل بن سعد وأبي ذر : أن الحديث الذي تقدم فيه سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبه والجواب ، وهذا الحديث يقصد ذلك ، فإن بعض الناس يقول : إن ذلك الغني كان كافرا فهؤلاء كانوا في المسجد ، ولا يجلس في المسجد إلا المسلم ، قلت : الظاهر والله تعالى أعلم أن من قال كان كافرا أراد به أنه كان منافقا والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية